دلالة الحيوان في شعر أديب كمال الدين،

 المجلد السابع نموذجاً

 

 

 

 

 

 

 

 

أ. م. د . فاطمة عبد الزهرة عبد الجليل العيداني

 

 

 

الملخص

يتناول هذا البحث دلالة الحيوان في شعر أديب كمال الدين ، وكيف استطاع الشاعر توظيف تلك الدلالة لتعبير عن واقعه المعاش ، او ما مرّ به من أحداث في مسيرة حياته ، وكما كان له أثر الواضح في تصوير ما يشعر به من سعادة او ألم ، أو تصوير عبّر به عن قدرته في توجيه شعره بأبداع مقصود مكتنز الدلالة ، وتمكن بوساطته استشراف عالم الواقع والتنبيه لمزالقه والتنبوء بمستقبله ، ولا تخلو تلك الوقفات من لحظات التشاؤم التي تلوح في خلجات نفسه بين قصيدة وأخرى. وإن استعمال الحيوان في الشعر يفتح للدلالة افاقاً متعددة ، ومتنوعة تجعل المتلقي يتفاعل معها ، وتأخذه أبعادها الدلالية الى تصور ما أراده الشاعر بشكل يفوق الدلالة المرجوة، بهدف إغناء الدلالة وأعطاها آفاقا جديدة ومتجددة.

الكلمات المفتاحية

الدلالة، الحيوان، أديب كمال الدين

 

المقدمة

ان توظيف الحيوان هو أحد تمظهرات الطبيعة الحية في الشعر ، وقد حفل شعر أديب كمال الدين به ، لما تحمله دلالته في الموروث الشعري من مدلولات واسعة الاثر في المسيرة الإنسانية ، فقد صار البشر يحتكم اليه في تحديد نواياهم وإرشادهم الى ما يصبون اليه .

فقد كان العرب قديماً يتجهون بشعر الحيوان أحياناً إلى المقارنة بين ما يمتاز به من صفات مع أخلاقيات البشر ([1])، ويسقطون صفات الحيوان الحميدة والذميمة ويشتقون من اسمه لمن يهجونه أو يمدحونه بتلك الخصال ([2]) ، على العكس من توظيفه في الشعر المعاصر فقد وظفوا الحيوان في نتاجهم الشعري ، وحملوه معاني رمزية ، استناداً لما يحمله الضمير الإنساني من خلفيات ثقافية وإرث تأريخي حيناً ، ومستثمرين ما يتسم به من سلوك وأوصاف ، وطبائع غريزية حيناً أخر من أجل خلق صور فنية مشحونة بالدلالات ، بدورها قادرة على بعث معانٍ خفية يستعصي التعبير عنها مباشرة([3]).

لقد تعددت استعمالات دلالة الحيوان في الشعر المعاصر ، ولعل ابرزها يمكن ارجاعه لأسباب سياسية كالخوف من السلطة ، ثم شاع بعد ذلك للأغراض أخرى غير السياسة ([4])، وجدانية واجتماعية ، وجمالية ، وذلك بهدف أثراء النصوص والارتقاء بها الى أفاق متجددة ، وواسعة تشع منها دلالات ربما تفوق ما أراده الشاعر عند استعمالها.

لذا جاء هذا البحث يكشف ما استكنته دلالة الحيوان في شعر أديب كمال الدين  بعد أن رأت الباحثة تردد الحيوان باسمه كثيرا في شعره ، أو بذكر احدى خصائصه أو صفاته ، ورصدت ما ينثال من تلك الدلالة من معانٍ أسبغت ملامح جمالية فعالة أدت الى يصبح الحيوان في شعره رمزاً موضوعيا دالا على أنساق معرفية متعددة شكلت  بمجملها لوحة شعرية نابضة بما يشعر به الشاعر من احاسيس ، وتعبيرا عن مختصرٍ عن واقع مرّ ،أو سعادة متأملة . فالشاعر يذكر الحيوان  أيضًا لتعزيز الوصف الحسي في شعره، مما يضفي على قصائده أبعادًا وجدانية غنية. فالحيوانات في شعره ليست مجرد كائنات، بل هي تجسيد للمشاعر والذكريات والأحاسيس.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل وجد الشاعر في ذكر الحيوان وتردده في شعره ،فضلا عن تسمية مجاميع به ك( الحرف والغراب )، وغيرها ، مجالا فنياً لتعبير عن كل الأحاسيس التي كانت تجول في نفسه ، وما مدى دلالة الحيوان عليها ؟ وهذا ما نحاول الوصول إليه في هذا البحث متخذة من المجلد السابع أنموذجاً ، وستقوم دراسة على  مبحثين الأول: الأول  دلالة الحيوانات الأليفة ، والمبحث الثاني دلالة الحيوانات غير الأليفة.

المبحث الأول :

دلالة الحيوانات الأليفة

أولاً:  الطير:

يُعد الطير بأنواعه المختلفة من أكثر الرموز شيوعاً في الأدب العربي ، ولاسيما الحديث منه ، فقد ارتبط به الشاعر العراقي أرتباطا يتمثل بعلاقة المبادلة والاتحاد معها ، وذلك للتعبير عن مشاعره المكبوته في أعماقه من خلال الانحياز له ؛ لكونه عنصراً ضعيفاً ، ومُعتدى عليه من لدن الأنسان ، ومن خلال الممارسة القاسية بحقه.([5])

تردد ذكر الحيوانات الأليفة في شعر أديب كمال الدين ، وبخصوص ذكر الطير باسمه دون تخصيص ، واحيانا بذكر الطير بنوعه كما في قصيدة (صقر ، بلبل ، حمامة)، واحيانا اخرى يذكر خصيصة من خصائصه من دون التطرق الى نوعه كما في قصيدة (قصيدة ذات أجنحة)  وذلك ليكون المتلقي هو المتخيل لذلك الطير ، على وفق سياق القصيدة ، أو ربما لحاجة الشاعر لهذه الصفة المتأصلة في الطير عامة من دون تخصيص ، ليشعر بكل ما يشعر به المتحرر من أثقاله وهو يحلق في سماء الحرية أو السعادة التي تنتاب الإنسان ، وهو يطير في سماء الوجود ، لذا نجد بعض قصائده قد حملت هذا العنوان:

ففي قصيدة ذهول ([6])

الذي اخترعَ النّومَ كانَ عبقريّاً حقّاً.

ففي كلِّ مرّةٍ أذهبُ إلى النّوم

أجدُ نَفْسي وقد تحوّلتُ إلى طائر

فأشعرُ بالسعادة.

وحينَ أستيقظ

أجدُ نَفْسي وقد تحوّلتُ إلى شجرة

فأشعرُ بالدفء.

لكنْ حينَ أتناولُ فطوري،

وأنا أشاهدُ التلفزيون

يعرضُ مصائبَ الكونِ الكبرى

الواحدةَ بعدَ الأخرى،

أشعرُ بأنّي إنسان

فينتابني الذُّهُول.

فالشاعر يجد نفسه ، قد تحول إلى طائر في أثناء نومه تعبيرا  عن رغبته بالشعور بالسعادة ، وكأن السعادة التي يطلبها الشاعر لم يشعر بها في الحقيقة ، فراح يطلبها في أحلامه .فكان الطائر رمزاً لها فهي سعادة غامرة يحلق معها الشاعر في السماء.

أو ربما تكون السعادة  صعب المنال كما في قصيدة (أن تطارد وهماً)([7])

  وإذا طاردتَ وهمَ الفرحِ،

أعني وهمَ الطائر،

فالطائر سيضحكُ منك

فهو مُعلَّقٌ في السّماء

يُصفّقُ بجناحيهِ السّعِيدَين،

وأنتَ تُحدّقُ فيهِ بعينين مُتعَبتَين

حيناً، وحيناً آخر

ترجعهما إلى دفترِكَ المُمزَّق

لترى كيفَ ستكمل قصيدةً تطاردُ وهماً

من حُبٍّ أو وطنٍ أو طائر

ليلَ نهار.

 

فجعل الطائر رمزا للفرح المتمثل بالحب والوطن ، وذكر  اسم الطير عاما من دون تخصيص ،ولتكون السعادة التي يطلبها عامة ، فهو المشتاق والمتلهف للحب أو وطن قد فارقه ، مع ذلك فهو يشعر بالإحباط عندما يرى الفرح المرجو سيضحك منه ، وهو يحدق فيه بعينين مُتعبتين حيناً، وحيناً آخر يرجعهما الى دفتره الممزق  من شدة الأمنيات، والأوهام التي يكتبها بلا جدوى.

وفي قصيدة

(إلى  الأعالي)([8])

افصح عن دلالة الطائر فيها ، فهو طائر الحب

 

يُقالُ إنَّ طائرَ الحُبِّ طائرٌ مُلوّن

يطيرُ دائماً إلى الأعالي،

إلى الأعالي

حتّى لا يرى ظلَّ جناحيه على الأرض.

 

فقد أضاف اليه صفة التلوين ، ومن خلال الفعل (يُقال)، انبعثت دلالة الحرمان التي يبدو من خلالها أن الشاعر لم يعرف هذا الطائر أو يره ، فهو بعيد عن مرأى الشاعر ، فيمكن القول إن الطائر قادر على أن يمنح الشاعر مجالا للحديث عن مشاعره المحبطة إزاء الاشياء التي لا يمكنه الحصول عليها([9])،  فالفرح والسعادة التي راح يطلبها أو يتمناها في أحلامه  بعيدة المنال محلقة في جو الامنيات ، فالكلمات تتسيد وسائل التعبير عما يختلج أذهان البشر من معانٍ مزدحمة ،وعن طريقها يمكن التعبير عن المعاني المستترة وإخراجها إلى عالم العلانية والظهور ([10]).

وفي قصيدة (صدأ)([11])

وهو يجري حواراً مع حرفه، نجد دلالة الطائر على الحلم الضائع الذي يتمنى أن يتحقق

صدأ

قالَ لي حرفي:

ليتني أشرقُ في قلبِكَ

ليتحوّلَ إلى لؤلؤةٍ.

قلتُ: وماذا أفعلُ بها؟

قال: ليتني أشرقُ في لؤلؤتِكَ

لتتحوّلَ إلى حُلْمٍ.

قلتُ: وما أكثر أحلامي!

قال: ليتني أشرقُ في حُلْمِكَ

ليتحوّلَ إلى طائر.

قلتُ: وما أكثر طيوري!

الطائر هو الحلم المشرق الذي يرنو إليه الشاعر ، وما أكثر تلك الأحلام التي يتمنى أن تشرق في تعجب من الشاعر ، ليشير إلى استحالة اشراقها . ليبدو حلمه من خلال الحوار بعيد المنال ، فلا غرو أن نقول انه يقف طويلاً أمام قصيدته كي يستطيع استخلاص عصارة فكره ، وتجربته واحساسه؛ ليترجمه على شكل كلمات مكثفة الدلالات تشع من خلالها وميض معرفته ، وقدرته على صنع الحرف في معزوفة قليلة الألفاظ فائضة بالمعاني والدلالات لتأخذ القارئ على عالمه الخاص.

ونراه في قصيدة (أقسى من الحجر)([12])

 

على غيرِ عادةِ الحُبّ،

وعلى غيرِ عادةِ المُحبّين،

بدأتِ قصّةَ حُبِّنا بكلماتِ الوداع،

وكانتْ- وا أسفاه- كلمات من الحجر.

حتّى إذا مرَّ أربعون عاماً

من النفي على شاعرِ الحرفِ والنّقطة،

وتصدّعتِ الذاكرة

وتاهتْ طيورُها وأحلامُها وقُبُلاتُها ونجماتُها

نجمةً إثْرَ نجمة

دونما رحمةٍ أو أَثَر.

جئتِ تقولين:

"أنتَ حبيبي،

نرى نبرة الحزن  تعلو فيها ، فحبه على غير ما اعتاده المحبين بدأ بالوداع القاسي ، فبعد مرارة النفي ، تصدعت ذاكرته ، وتاهت طيورها المتمثلة بذكرياتها عن حب وطنه واشتياقه له ، فاستعمال كلمة الطيور أعطت بعداً دلالياً أوسع في ايصال فكرة تشتت الشاعر في غربته من دون رحمة أو أثر ، فكل الحب ذهب مع قساوة ما مرّبه ،  وهذا يوضح  ما كان يشعر به في المنفى: ((  فالمنفي يعيش في حالة وسيطة ، لا ينسجم تماماً مع المحيط الجديد ، ولا يتخلص كليّاً من عبء البيئة الماضية ))([13])

وفي قصيدة ([14]) الشّاعرُ الذي يُولَدُ كلّ يوم

أحبُّ الحرفَ الذي ليسَ بحرف

ولا يشبهُ الحرف

بل يشبهُ طائراً حلّقَ بسرِّ السّعادة

مثلَ ومضةِ البرق

ثُمَّ اختفى في بحرِ الظلام.

ذلك هو  حرفكِ،

 

نرى الشاعر قد شبه حرفه الذي يحبه بالطائر الذي يحلق في سماء السعادة ، فلا يخرج الشاعر من ربط السعادة بالطائر الذي انمزجت دلالته بها، وجاء الفعل حلق ليعطي تلك المساحة لها ، والتي أعتبرها الشاعر  الفضاء المراد ليشعر بها ، لأنها في كل مرة تصطدم بالحقيقة : (ثُم اختفى في بحر الظلام). مع ذلك لا يمكننا الإحاطة بما يطرحه الشاعر من رؤى وأفكار عن حرفه أو الحياة أو عن الأخرين ولا حتى عن ذاته ولذلك لاتساع تجربته([15])

وفي قصيدة : صديقي دارون ([16]) لم يتعد الطائر الدلالة على السعادة المرجوة ، ورغبته في الشعور بها.

يقول الشاعر:

يصرُّ صديقي داروين

على أنَّ أصلَ الإنسانِ قِرد،

وأصرُّ على أنَّ أصلَهُ طائر!

هو يُحدّثني عن الجيناتِ والانتقاءِ الطبيعيّ

فأحدّثهُ عن الشِّعرِ والخيالِ الشِّعرِيّ.

هو تنتابهُ السّعادةُ دائماً

وأنا تنتابني الشّكوكُ أبداً.

ولذا أتسلّقُ كلّ يومٍ غيمةَ قصيدتي

مُحاولاً الطيرانَ كطائرٍ حقيقيّ

أو كطائرٍ خياليّ

كي تنتابني السّعادةُ مثله

ولو مَرّة واحدة!

فتمني السعادة  ولو مرّة واحدة ، ومحاولته الطيران أعطت بعداً دلالياً بذلك الحزن الدفين  الذي  ينتاب الشاعر ، حتى أن الشكوك تنتابه  في الشعور بها ولو لمرة واحدة     ، ((إن للشاعر أديب كمال الدين قدرة فنية جليّة مكننّة من الابداع في رسم الصور البيانية والبلاغية الرائعة التي تترك أثرها في نفس متلقيها ، فهي تتراوح بين السلاسة والوضوح وبين الغموض نوعاً ما  ، وهذا ماله أثر في رسم الصور الدلالية والبلاغية التي تثري النص ))([17])  

 

وفي  قصيدة ([18])

حتى ناداني الحرف باسمي

في حُبّكِ

عبرتُ جبلَ الجمرِ

وأنا أطيرُ بجناحين من دموعٍ

وقلبٍ لا يعرفُ غيرَ الهذيان

وحروف الهذيان..

ونجد الحزن واضحا ، عندما يذكر جزءاً من الطائر وهما الجناحان الا أنهما من دموع .فهو يطير بهما

فحذف الطائر وذكر شيئاً من لوازمه ، وفي ذلك دلالة على أن سعادته لم تكن موجودة ، وضائعة مع ضياع اسمها فلا يملك  منها الا جسداً يطير مع الحزن ، وقلبٍ لا يعرف غير الهذيان ، فقصائد الشاعر تمتلئ بالدوال التي تشرع نوافذها على مشاعر المتلقي ، وتجعله يتفنن في تصورها ، فالحروف والألفاظ تبعث فينا الدهشة بما تحفل به من تألف بين الفن والواقع ([19])

       وفي قصيدة: تماسكي أيّتها القصيدة([20])

فحروفُكِ هي الوحيدةُ التي تُنيرُ كوابيسي،

وتشعُّ الدفءَ في سريري،

وتعينُ الرّوحَ في دورانِها

حولَ نَفْسها

كلّ ليلةٍ كالطيرِ الذّبيح.     

 

نرى الشاعر اضاف  صفة الذبيح الى الطائر ، وفي ذلك دلالة على سعادته المذبوحة ، فروحه هي تدور كالطائر الذّبيح ، إشارة إلى الالم الذي يشعر به .هنا قد منحت دلالة الطائر مجالاً للشاعر للحديث عن حلمه المذبوح وروحه التي تدور حول نفسها ، كالطائر الذبيح ، ليبين حجم الألم الذي يشعر به ، ويحاول أن يتخلص منه كالطائر الذبيح ، ولكن لا خلاص في نهاية .

أما في القصيدة التي حملت عنوان (قصيدة مهشمة)([21])

فقد ذكر الشاعر الفعل (تطير) بدون ذكر الطائر:

قصيدة مُهشَّمة

الدموعُ قصائد منسيّة.

القصيدةُ انتهت،

ولم تكنْ سوى ثلاث كلمات!

*

أن تطيرَ فلا تستيقظَ من الطّيرانِ أبداً،

تلك لوحة سعيدة،

لا يعرفُها إلّا مَن حاولَ الطّيران

مِن دون جناحين أو يدين.

فدلالة الطيران لم تتعد السعادة ، ففيها يرى الشاعر أنه يتخلص من الدموع والأحزان ، وإذا كان بلا جناحين أو يدين ففيه إشارة للتخلص من أي شيء يثقله أو يعيق سعادته. إن الشاعر عندما أختار عنوان القصيدة (قصيدة مهشمة ) ، يرسم لنا بوضوح ما كان يعانيه في غربته ، وروحه التواقة للسعادة المنبثقة من رغبته بالطيران بلا جناحين ، لتذوب نفسه في سماء الوجود بلا قيود أو أثقال .

فالشاعر غالباً ما يذكر  الطائر كرمز للحرية والتحرر من القيود الأرضية يمكن أن يمثل أيضًا الروح الطائرة التي تبحث عن معنى أو غاية أعلى.

وفي قصيدة أخطّ قصائدي بدمي([22])

قالَ لي حرفي:

هل علّمكَ الحبُّ

أن تطيرَ من دون جناحين؟

أو تمشي فوقَ الماء؟

قلتُ:

بل علّمني

أنْ أخطَّ قصائدي بدمي

على جدارِ العبثِ

ليلَ نهار.

 

كذلك هنا ذكر فعل الطيران ، و هو في حوار مع حرفه ، وقد سأله عمّ علمه الحب وهل طار بلا جناحين ، هنا تبقى دلالة الفعل في تساءل الحرف  هي السعادة المتمثلة في الطيران ، فالمحب تطير روحه فرحاً كالطائر بلا جناحين ، فلا يوجد ما يعيق الروح عندما تذوب في معشوقها .إلا أن الشاعر لم يلحق في سماء السعادة وبقي يخط قصائده بدمه؛  ليفصح فيها عن ألمه ليل نهار، فالشاعر دائما ما يفجر الطاقة الكامنة للغة من خلال النقطة والحرف ، لانهما خط الشروع لحركة اللغة في فضائه الشعري الذي يطير فيه بجناح الخيال ([23])

ونجد الشاعر في قصائد أخرى يحدد نوع الطائر من خلال ذكر اسمه ، وربما أراد من ذلك تحديد الدلالة لما يُعرف عن صفات هذا الطير . ففي قصيدة (سؤال خطير) يذكر العصافير  : سؤال خطير([24])

صاحَ بي اليوم أحدُ المجانين،

سأسألكَ السؤالَ الخطير:

أترقصُ العصافيرُ على الشّجرةِ أم تطير؟

 صاحَ بي،

وهوَ يحاولُ أن يرقصَ مَرّةً

ويطيرَ مَرّةً أخرى!

فمن خلال السياق تبدو أن دلالة العصافير لم تتعد معنى السعادة والحرية ، من خلال سؤال أحد المجانين ، فهو سؤال يبين من خلاله للمتلقي أن السؤال عن الحرية والسعادة ، سؤال لا يجرأ عليه الا المجانين ، وكأنّ السعادة والحرية شيء ممنوع السؤال عنه حتى، فالتحرر والحرية التي يطلبها الشاعر هي حرية الروح التي لا تجد السعادة إلا في السماء ، واقترابها من خالقها ، وهذا ما يحاول أغلب الشعراء المتصوفين أن يعبروا عنه في اشعارهم.

 

 من قصيدة (ومضيتُ سعيداً)([25])

ينفقُ بعضُ الشّعراءِ حياتَه

ليكونَ مِسْخَ طاغيةٍ أرعن

أو مُزوّرَ تأريخٍ أسود

أو شتيمةً غبيّة

أو ليكونَ كازانوفا النّساء

أو فراشةً مُلوّنة

أو ليكونَ ما يكون.

نجد الشاعر  رمز للفراشة هنا للشاعر المتزين  المهتم بهندامه ، ولاسيما أنه أعطى الفراشة صفة كونها ملونة ، وفي نفس الوقت يمكن أن تدل على الشخص المتلون والمتملق في شعره ، لمن يكتب له قصائده ، ولاسيما أنه بيّن أصناف الشعراء في القصيدة ، فاستعمال الفراشة أعطى بعداً دلالياً غير متوقع  فيما لو استعمل الصفة الصريحة، فكثف الدلالة ، وجعلها تتشظى مع معطيات الواقع .لذا على قارئ قصائد الشاعر أن يعيد قراءتها مرتين أو ثلاثاً حتى تفصح لك عن مكنوناتها ، وقد تبخل فلا تفصح إلا عن النزر القليل ولو أعدت قراءتها لمرات عدة ([26])

وفي قصيدة (قصيدة ذات أجنحة) ([27])

كلّما فتحت الفراشةُ جناحيها

وهي تمتصُّ رحيقَ الزّهرة،

امتصّت الحروفُ ذاكرتي

لتصيرَ قصيدةً ذات أجنحة.

هنا يمكن القول بأن دلالة الفراشة قد تماهت في تصورات الشاعر ، في مقارنة دلّت على تماهي الشاعر،  ورغبته في الطيران والفرح في عوالم حروفه ، وقصائده التي استعار لها أجنحة ، وكأنها فراشة تحاول اختراق الذاكرة والتحرر منها ، فقد بدأت قدرة الشاعر في رسم المشاهد إلى مستوى عالٍ من المثالية،  فهو يخلق آفاق رحبة من الجمال في خلق جو متصور ، بلغة بسيطة ، وتعابير متداولة ، ولكن الشاعر أستطاع توظيفها بشكل فني رائع ف(مشاهد الحيوان تدخل في فن الوصف الذي جمع جماليات الشعر بوصفه موصولاً باللغة والحياة ، وتخيل ملامح الواقع على مدى الحلم الواسع)([28])

وفي قصيدة للفرح([29])

أعطني حرفاً

ونقطةً

وقلباً مَليئاً بأحلامِ الصِّبا،

وسأعطيكَ قصيدةً

تطيرُ منها الفراشات

طوالَ النّهار.

 

إما دلالة الفراشات في قصيدة للفرح هي  السرور والفرح ، فالشاعر قد ألِفَ الحرف والنقطة ، فهو شاعرهما ، وعندما يطلق له العنان لينسج منها قصائده ، يجعل الفرح يتطاير منها ، فهي وسيلته في بث مشاعره وأحاسيسه التي تجد نفسها ، وهي هائمة في سماء الملكوت .

وفي قصيدة محنة ([30])

يا لها مِن مِحنة؛

أن تملكَ روحاً كجناحِ فراشةٍ مُلوّنة

في زمانِ الخفافيش.

نجد دلالة الفراشة جاءت كناية عن الروح الرقيقة والنقية في زمن الخفافيش المختبئة في الظلام والتي تحمل دلالة القبح والخبث والخيانة ؛ لان الخفاش من طبعه الزنا والخيانة ، ويوصف بالسرقة([31])

 

الحمامة

بات من المعروف أن الحمامة هي رمز الشوق والحنين والسلام ([32])، ورمزية الحمامة كما وقعت في ضروب الشعر العربي، متعددة الجوانب كثيرة الأصول والفروع. ذلك بأن الحمامة رمز للمأوى ورمز للورد ورمز للنظر ورمز للخصوبة والأنوثة والوداعة ثم هي رمز للحزن ، والشوق والصبابة والبكاء.

 وفي قصيدة حياة في قنينة ، أفصح الشاعر عن دلالة الحمامة فهي رمز السلام المتناهي الذي يطير به إلى الملكوت الأعلى بعد أن عرف معنى الحب الألهي  وفهم معنى السماء وعظمتها ، وعظم خالقها . وفي ذلك دلالة على تحرر قلبه وذوبانه في الطيران الى المجهول بعد أن كانت الحياة ضيقة، وكأنها حياة في قنينة .فدلالة حب السلام والذوبان في ملكوت الخالق والتحليق إليه أبداً  هي التي أرادها الشاعر ،  لذا يمكننا القول : إن استثمار صورة الحمامة بسماتها ، ودلالتها كشف عن جوهر الواقع المعاش وخفاياه عند الشاعر ،و عن رغبته  في التحرر والطيران بسلام.

 

من قصيدة (حياة في قنينة)([33])

فهمتُ معنى السَّماء،

معنى زرقةِ السَّماء،

حتّى أصبحَ قلبي حمامةً بيضاء

تطيرُ أبداً إلى المجهول

 

وفي قصيدة (سفينة نوح)([34])

ورد ذكر الحمامة والغراب، وكلنا يعرف قصة الغراب والحمامة في قصة سيدة نوح عليه السلام ، وهو الدافع الذي حمل الشاعر على توظيفه  دالاً يتعلق بالجذر  بالديني والمعتقد الشعبي ، فالغراب يظهر رمزاً لفراق الأحبة والشؤم، وسمي ب(غراب البين) ؛ لأنه بان واغترب عن نبي الله نوح عليه السلام ، وليس شيء مما يزجرونه من الطير أو الظباء أنكد منه([35]).

فهو يقول في  (سفينة نوح)

تحتَ ردائي المُمزَّق

يتصارعُ الغرابُ والحمامةُ ليلَ نهار.

أكانَ ردائي البحر

أم كانَ جسدي سفينة نوح؟

فهنا نرى أن الشاعر كنى عن الغراب والحمامة عن الحب والسلام والتشاؤم ، وهي الرغبة  في انتصار احدهما ، فجعل صراعهما تحت ردائه الممزق كناية عن حالة من الضياع والتشتت ، مستغرباً، هل كان رداؤه البحر ، حتى يكون الصراع تحته أم جسدته سفينة نوح ، فقد يبحث في توظيفه سفينة نوح عن الأمان والسلام . إن صورة الحيوان المتمثل بجانبيه المتناقضين ، استطاع توظيفه الشاعر للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه ورغبته في السلام بعد أن وجد أن صراع المشاعر وتناقضها في نفسه مدعاة للتساؤل والتعجب.

 

وفي قصيدة (أم كلثوم) ([36])

يا كوكبَ الشّرق،

يتدرّبُ الحرفُ على الطيران

عندَ كلّ قصيدة:

مَرّةً بلبلاً،

مَرّةً حمامةَ شوقٍ،

وثالثةً طائراً لا اسمَ له،

ورابعةً يتحوّلُ الحرفُ

إلى جناحٍ عظيم

يملأُ الشّرقَ والغرب.

فإذا اكتملتْ صيحاتُ حُبّكِ

وأيقظتِ الرّوحَ من موتِها

والقلبَ من زلازلهِ المُزمنة،

تحوّلَ الحرفُ كلّه

إلى سماواتِ سِحرٍ

تبدأُ من النّيل

ولا تنتهي في الفرات.

فهنا الحرف عند الشاعر يحمل معنى الحب والشوق والحنين هو سر الوجود عنده يتحول مع أغنيات أم كلثوم إلى بلبل مرة مغرداً مع عذوبة صوتها، أو حمامة سلام تجوب العالم بالحب أو جناح عظيم ، وهذا يذكر أحد لوازم الطيران ، وهي الجناح  من دون أن يذكر نوعه ، ليحمل معه الدلالات العميقة ولتبثق منها الايحاءات المتخفية وراءه من أن الجناح يمكن أن يملأ الشرق والغرب .

يتحول الى سماوات السحر ، وكما قال الناقد الاستاذ صالح الطائي عن الشاعر : ((كمثل الصائغ المبدع يمكن أن يصنع حروفاً تتزيّن بها الجميلات ، ولكن نادراً  ما تجد شاعراَ يصنع حروفاً من سحر تزّين عقول النّاس))([37])

 

 

الطاووس:

وهو من الحيوان التي تتميز بجمال ريشها ، ومن صفات الطاووس أن يمشي متبختراً وقد ورد ذكره في قصيدة: أيّ حقيقة تخفيها في أعماقك؟([38])

سألتُ البحر:

أيّ حقيقةٍ تخفيها في أعماقِكَ

أيّها الطّاووس العظيم؟

ضَحِكَ البحرُ وقال:

أنا لا أخفي حقائقَ أو أوهاماً

بل أخفي سمكاً وصخوراً وطحالب،

أخفي سفناً غرقى

وعظامَ صيّادين ومغامرين ومهاجرين.

وأخفي أمواجاً من غضبٍ مكتومٍ عارم.

فهل اقتنعتَ بجوابي

يا هذا المهووس بجمالي؟

صَمتُّ طويلاً.

فالبحرَ قالَ الحقيقةَ عاريةً

من دونِ رتوش،

هنا دلالة الطاووس أخذت بعداً دلالياً ، بيّن من خلاله الشاعر جمال البحر وانعكاس الألوان فيه ، وتموجه ، كأنّه طائر الطاووس وهو يتمشى متبختراً بذيله الجميل ، فجعل من الدلالة مشحونة بكل تفاصيلها من الجمال والتبختر والغرور ، والعظمة .

 

اللقلق:

ورد ذكره في قصيدة (محنة اللقلق) ([39])

حينَ بنى اللقلقُ عشّاً

انتظرَ حبيبته طويلاً دونَ جدوى،

ثُمَّ أوصى القمر

بأن يهتمَّ بعشِّهِ المهجور

لكنَّ القمرَ قَهْقَهَ كثيراً

وهو يقفزُ  ما بين الغيوم.

 

طائر اللقلق ينظر إليه المسلمون على أنه طائر ورع يتوشح بالبياض مثل الحُجاج ، ويقبع في المآذن ، فكثيراً ما استعمل الشاعر الطير تعبيراً عن المشاعر والاحاسيس المكبوتة عندنه ، وهنا شبه محنته بمحنة اللقلق ، وهنا أعطى للّقلق دلالتين ، دلالة الحزن لانتظار الحبيب، فهو المهاجر البعيد عن وطنه ، وقد شبه مشاعره بهذا الطائر الذي بنى عشه ، وبعد طول انتظار تركه مهجوراً لكنه أوصى القمر ، لكنه لم يكن الحارس الامين عليه ، فتركه وقفز. والدلالة الأخرى هي دلالة المحب المفارق لمحبوبه ، الذي ينتظره بلا جدوى. فكلا الدلالتين حملت في طياتها البعد والفراق وطول الانتظار ، وقد وشحت تلك الدلالات باللقلق الذي يتميز بلونه الابيض المسالم  والنقي كنقاء الروح المهاجرة . فالشعر وسيلة من وسائل البيان ، ومعرض من معارض البلاغة كما نبه الى ذلك الجاحظ.

 

ثانياً: الحصان

 

اقترن ذكر الخيل عادة بالوقار والجرأة ، والفتوة والشباب فأصبحت صورة للإنسان المثالي  ، وهي شريك الفارس الأول في  فرحه وحزنه ، ومرارة الهزيمة ،  لهذا الترابط بين العربي وفرسه فقد آثره على أهله وأولاده  ، إلا أن حصان الشاعر كان عجوزا بلحية حمراء ، فقد أضفت تلك الأوصاف على دلالة الحصان دلالة متشعبة من حيث العجز وعدم القدرة على الجري فهي دليل الضعف والوهن ، ودلالة لون اللحية الاحمر على التعب والمشقة وربما الموت والحرب ، وتقول العرب موت أحمر للدلالة على هول الموقف وشدته.  في قصيدة (حصان عجوز بلحيةٍ حمراء) يقول الشاعر([40])

كنتُ طفلاً

حينَ رسمتُ حصاناً عجوزاً بلحيةٍ حمراء.

حدّقَ مديرُ المدرسةِ طويلاً في رسمي

دونَ أن يَنبِسَ ببنتِ شَفَة.

وضَحِكَ مُعلّمُ الجغرافيا وقال:

في أيّ البلدان

يعيشُ هذا الحصان؟

وسَخِرَ مُعلّمُ التاريخِ وقال:

ينبغي أن يكونَ الحصان

قويّاً لفارسٍ بطلٍ مغوار.

أمّا مُعلّمُ الرّسمِ فهَمَسَ بإذني:

ليتَ حصانكَ يرقص

ليملأَ حياتَكَ

بشمسٍ مُشرقةٍ ليلَ نهار.

يبدو أن الشاعر في هذه القصيدة أراد إن يبين صفة السلب ودلالته ، لأن الحصان معروف بجموحه واندفاعه ، وتبدو رسمة الشاعر استشرافاً لمستقبله من اليأس والضعف ، وكأن الجغرافيا وتغير موقعه عن بلده ، وبعده عن تأريخه الراسخ في بلده العراق جعل معلم الجغرافيا يضحك ومعلم التأريخ يسخر مما حدث ، ليكن التمني وحدة قادراً على استثمار قدرات الحصان المفحم بحيوية الشباب وطموحه لتشرق الشمس. لذا لا غرو أن نقول أنه توظيف دلالة الحصان ، جعلها تتشظى في زمني الحاضر والمستقبل مابين دلالتي الضعف واليأس والطموح واستثمار قدرة الحصان الجامحة في تجسيد رغبة الذات في تحقيق ذلك الحلم.

هذا تأويل للقصيدة، لكننا اذا قرأنا القصيدة بعيون  الشاعر: الطفل الذي رسم الحصان فسنجد رسمه للحصان كان بمواصفات سريالية تماما عجز عن فهمها كليا معلم الجغرافيا ومعلم التأريخ. وكان معلم الرسم هو الوحيد القريب من الفهم الصحيح للرسم هذا، فكان أن طلب من الشاعر: الطفل أن يذهب برسمه إلى الأقصى: أن يجعل الحصان يرقص! نعم يرقص لتكتمل عند الطفل حرية الإبداع والفن واللعب. أليس الفن في إصله هو اللعب؟

الحيوانات غير الاليفة

أولاً: البرمائيات

السلحفاة :

ومن المعروف ان السلحفاة تستعمل  في دلالة على  البطء في السير ، ولها دلالات أخرى في علم الآثار،  وعند العرب قديماً . إلا أن الشاعر استعملها في قصيدته مع قرائن جعلها تعطي دلالات متموجة مع كلماته في قصيدة، ففي قصيدة سلحفاة في بئر ([41])

في الحُلْمِ

رأيتُ سلحفاةً تسبحُ في قعرِ بئر.

وحينَ استيقظتُ احترتُ:

أأكتبُ عنها قصيدةً من طين

أم أرسمها لوحةً من ماء؟

فعندما قرن السلحفاة بالبئر ، حدد مدلول الخصب والنماء ، لأن السلحفاة تعيش في المياه الجارية والواسعة والمفتوحة ، وكانه حَجم تلك الدلالة بالنماء المحدد أو الحلم المقيد والبعيد ، ولاسيما أن السلحفاة في قعر البئر ، وفي ذلك إشارة  الى قلة الماء أو انعدامه ، لذلك ذهب متسائلاً في سؤال تصوري هل يكتب قصيدة من طين أم لوحة من ماء. فيها الأماني مقيدة ، ومازال حرفه في الطفولة.

وأراد أن يختصر تلك المرحلة بعبارات قصيدته  والتي تدل في مخزونها على دلالات متشظية ، قد أبدع فيها الشاعر،  ودلّ واوجز ، وجعل القارئ يميل مع كل دلالة بشعاعٍ من فكر يطول .

الضفدع

من المعروف أن الضفدع يرمز للتحول والتغير، ويمكن أن يكون رمزًا للبحث عن الذات والتحولات الداخلية التي يمر بها الإنسان. وهذا ما أراده الشاعر من التغيير الذي يدعو إليه ، وليس التقليد ونسج على ما قد ألف غيره من القصائد ، ورأى في ضفدع دلالة التغير ، والسعي إليه في القفر والبحث عنه ، وقصيدة الشاعر يمكن أن تسمى بقصيدة الوامضة فقد انتهى بحكمة قصيرة أراد الشاعر ايصالها عن طريق السؤال في الخاتمة ((حيث تشكل خاتمة الومضة بؤرة انفجارية مدهشة تفارق بقية عناصر بنية الومضة الحافلة بالإيحاء)([42]) ، لأنها أي الخاتمة: ((قاعدة القصيدة واخر ما تبقى منها في الأسماع، لذا فخاتمة قصيدة الومضة تمتاز بعنصر لا يجيد استخدامه إلا الكتاب المهرة والأدباء الأذكياء ))([43]) .

وفي قصيدة (ضفدع باشو) يقول فيها ([44])

 ضفدع باشو

كتبَ باشو اليابانيّ قصيدته الوامضة

عن الضّفدعِ الذي قفزَ إلى البركةِ الهادئة.

فجاءَ من بعدهِ آلافُ الشّعراء

ليكتبوا قصائدهم الوامضةَ كما فعلَ باشو.

أَما كانَ الأجدر بهم

أن يقفزوا إلى البركة

ليكتشفوا ومضةَ الحياةِ كما فعلَ الضّفدع؟

هكذا فالقصيدة برأي أديب كمال الدين تطلب من الشعراء أن يجربوا الحياة، أن يقفزوا  إلى بركتها ليعرفوا أسرارها بأنفسهم فيبدعوا شعرا حقيقيا متفردا لا أن ينسخوا قصائد سواهم من الشعراء بطريقة بائسة!

 

الاسماك

المعروف أن الاسماك تدل على الخصب والنماء،  فهي رمز للخصوبة بما تنطوي عليه من معنى عضوي وجسدي وإيروتيكي في آن واحد([45])

ذكر الاسماك في قصيدة (كأنّني لم أسمع بذاكرتي)([46])

البحرُ ذاكرتي

والأسماكُ ذكرياتي.

تكاثرتِ الأسماكُ حتّى مَلأتِ البحر

من أقصاه إلى أقصاه،

وحتّى صاحَ البحر:

أنقذْني مِمّا أنا فيه!

فاستعمال الاسماك  هنا دلالة على الكثرة  ، فتزاحم الذكريات في ذاكرته ،كان من الكثرة مما لا يمكن للبحر أن يسعه ، وفيها صورة ذهنية جميلة وتشبيه رائع ، فالذاكرة مع عظمها لم تسع الذكريات ، فقد عبرّ عن ذكرياته وهو مازال يحتفظ بها ، رغم ان ذاكرته لم تعد كما كانت .

وقد ورد ذكر  صوت الاسماك والسلحفاة معا في قصيدة (آلة لصيد الاحلام السعيدة) ([47])

في البئرِ القديمة

ثمّةَ صوت لشيءٍ يلبطُ ليلَ نهار.

قيلَ هوَ صوت سمكةٍ كبيرة،

وقيلَ هوَ صوت سُلحفاة،

وقيلَ هوَ صوت جُثّةٍ

تريدُ العودةَ إلى الحياة.

 

 هنا لم يستعمل الشاعر دلالة الحيوان ، وإنما دلالة صوته  فقد ذكر البئر القديمة للدلالة على زمن الماضي ، و صوت السمكة دلالة على رغبته في الوجود ، والخصوبة والنماء ، وفي صوت السلحفاة دلالة على بطء تلك الرغبة ، لتنتهي بصوت الجثة التي لا صوت لها في الأصل مع وجود هذه الدلالات المتوالية ، وانخفاض صوت الرغبة ، مع تلك الأصوات من البطء والانعدام ، ولا سيما أن دلالة البئر أعطتها دلالة البعد والانكسار وعدم السماع ، حقق بذلك  الشاعر رغبته المكبوتة في الرغبة في العودة إلى الحياة بعد كل تلك الانكسارات .

 

1- دلالة الحيوانات المفترسة

أ: الكلب

ذكر الكلب في قصيدته (حديقة حُلمية )([48])

لم يرد  الشاعرُ الكلبَ بهيئته الجسدية ، وسلوكه ، وإنما أراد أن يبين أنه في عالمه المثالي ، وحديقته التي يحلم بها،  وقد سكتت فيها جميع الأصوات ، ولم يعد كلبه ينبح دلالة على الأصوات النشاز يمكن أن تصمت ، فلا كلب ينبح أو القطة تموء، فدلالة على السكينة والهدوء ، وأحلامه البيض ، وربما روحه النقية مازالت تحلق في السّماء كلها في تلك الحديقة التي يحلم بها ، ومع ذلك بقي الحذر واجبا ، وبقي الغزال وقد أعطته القصيدة صفة الجريح يدل على تبدد أمنيات الشاعر الجميلة التي مازالت جريحة متألمة في غربته منذ سبعين عاماً ، ولازلت تنزف ، وفيها يقول:

حديقة حُلْميّة

في حديقةِ حُلْمي

لا أرى كلبي ينبح

ولا قِطّتي تجيدُ المُواء

ولا أرى قِرْدَي

يقفزُ من شجرةٍ إلى أخرى

من أجلِ الموزِ أو سواه.

بل أرى أسدي الغريب

يمشي بحذرٍ شديد

قربَ حافّةِ النّهر،

وطيوري البِيض

تُحلّقُ عالياً في السّماء.

فأصيحُ بها: إلى أين؟

فلا تردُّ عليَّ أبداً.

الذي يردُّ،

ويردُّ بخيطِ دماء،

هو غزالي الجريح

راكضاً دونَ جدوى

منذُ سبعين عاماً أو تزيد.

فاستعمال الشاعر لدلالة الحيوان المتنوعة في هذه القصيدة ، أعطت مساحة لتطاير الدلالات المشحونة بأحلامه ، ما بين الأمان والهدوء والسكينة وتطاير الروح والامنيات ، وما بين بقاء أحلامه الجميلة تنزف ، أنها لوحة شعرية تكاد تكون ناطقة ، وتتعالى معها صياحات النفس والأحاسيس التي استطاع الشاعر رسمها بصورة حديقة مليئة بها ، فالفنان الذي يرسم بالكلمات يكون مبدعاً في جعلها تنبض بالحياة والمشاعر.

ب: الذئب

فدلالة الذئب في قصيدة الشاعر (أن تطارد وهماً) ، لم تتعد حدود الفتك والقتل ، والشراسة التي يمتلكها سراق الوطن ،فهم أشبه بالذئاب التي تترصد كل من يحاول أن يدافع عن الوطن ، فالذئاب هنا دال رمزي على الغدر والخيانة ، والعداء الذي يضمره من يحملون اللافتات ، لأنّ هم من يطاردون الوطن .

 

 أن تطارد وهما([49])

وإذا طاردتَ وهمَ الوطن

فأولئكَ الذين يحملونَ اللافتات

سيطردونكَ كذئابٍ شَرسَة

لأنّكَ لا تجيدُ دورَ البهلوان

ولا تحترمُ فلسفةَ الرقصِ على الحبال.

 

وفي قصيدة (الذئب ) يقول الشاعر([50])

اجتمعَ الغزالُ والطّاووسُ والعصفور

فكانت الغابة.

ولمّا حضرَ الذّئبُ ليُكملَ المشهد،

طارَ العصفور

وهربَ الغزالُ والطّاووس

ثُمَّ لحقتهم الأشجارُ كلّها،

فضاعَ كلُّ شيء.

 

ولم تختلف دلالة الذئب  في هذه  قصيدة ، ففي حضوره اكتمل المشهد وطار العصفور وهرب الغزال والطاووس ، ولحقتهم الاشجار ، فهو مصدر الخوف والرعب ، وتبدد الأمنيات والسعادة ، والسبب في الضياع ، فقد حمل لفظة ، مكنوناً دلالياً أفصح عن معناه من خلال السّياق الوارد فيه ، و نجد الشاعر قد أجهد نفسه في صياغة الصور وتوزيع الدوال الحيوانية فيها ، فالقصيدة مع قصرها وقلة أبياتها ، إلا أنها نسيج أدبي، قد تلاحقت الصور فيه بحركتها المتوالية ، وكان تحريك الجمادات ، أوضح بشاعة صورة الذئب وما تنطوي عليه صورته من سلبيات ، فالصور في شعر أديب كمال الدين تأتي متلاحقة الدفعات تقصر وتطول سريعة الالتفات ، كثيرة التحول ، وكأنها تتساءل عن سرها وعن وصفها وعن هيأتها ([51])

 

ج-الصقر:

الصقر يرمز للقوة ، والسرعة في الانقضاض على فريسته ، لذا شبه الشاعر الحب به وكونه صقراً مُدهشا ، ونظراته الحادة ، ومخالبه القوية التي أحدثت فيه جروحاً ، لكن ليس هذا الحب الذي كان يتمناه الشاعر أو يحلم به ، بل كان يحلم بحب سعيد فيه من السلام ، على شكل بلبل عذب الالحان أو حمامة مسالمة ، لكن عندما لم يجد ما كان يحلم به في غابة عمره كما أسماها تمنى أن يعود الحب له بكل جراحاته وشدته، فقدرة الشاعر أديب كمال الدين في تأليف الصور وتنقلاته في الأحداث ، واستعاراته الرائعة لمشاعره واحاسيسه جعلها تتجسد كصور ذهنية مشاهدة ، ومتأملة لدى المتلقي ، فكان جاءت مشبعة بالحركة ، في عالم متخيل يفيض بالدلالات.

قصيدة صقر([52])

خفتُ من حُبّكِ حينَ حَطَّ على قلبي

صقراً مُدهشاً.

خفتُ من نظراتهِ الحادّةِ المُضيئة

بما لا يُقال،

ومن مخالبهِ التي جرحتني

جُروحاً طوال.

فأبعدتُهُ سريعاً سريعاً.

كنتُ أحلمُ بحُبٍّ

على شكلِ بلبلٍ أو حمامة.

وإذ مرّتِ السنين

تركضُ ليلَ نهار،

ولم أرَ في غابةِ عمري

بلبلاً أو حمامة،

تمنّيتُ أن يعودَ صقرُكِ لي

رغمَ أنّ آثارَ جروحه لم تزلْ ظاهرة

فوقَ روحي وقلبي.

 

د-الثعلب والنمر :

الثعلب يمثل الذكاء والدهاء، وأحيانًا الخداع. يمكن أن يعبر عن الجوانب المتعددة للطبيعة البشرية والقدرة على التكيف والمكر.  والنمر  يرمز للقوة والوحشية ، وقد وردا في قصيدة  (كلُّ شيء يتمرأى بك) ([53])

مرحى أيّها الحرف؛

كلُّ شيءٍ يتمرأى بك

ويسمو معَ سرّك

ويرقصُ معَ أسطورتك.

مرحى أيّها الحرف؛

أيّها الغامضُ كالغيمة

والمُوحشُ كالسجن

والمُرعبُ كالزلزال

والرّاقصُ كالمطر

والشّهوانيّ كالنهد

والوحشيّ كالنمر

والغاضبُ كالذئب

والمُحيّرُ كالثعلب

والمُتسائِلُ كالطفل

والطّائرُ كاللقلق!

ففي هذه القصيدة شبه حرفه بأنواع الحيوانات ، وقد أخذ منها صفاتها ، فهو الوحشي كالنمر ، والمحير كالثعلب ، والطائر كاللقلق ، فهنا تماهيت حرف الشاعر،  وصوره تتعدد مع مشاعره عندما يطلق لها العنان ، فتأخذ من كل شيء صفة ً تميزه ، فحرف الشاعر ونقطته هي سر الوجود ، وهنا يكمن قدرة الشاعر في خلق الصور و انزياحها في قصائده ، فكلما ازدادت درجة الانزياح حدة ، كانت المفارقة أشد عمقاً وأكثر فاعلية في تكثيف الدلالات ، وتعميق معطياتها الايحائية ، عبر انفجار النص إلى ما هو أبعد من المعاني الثابتة في حركة مطلقة من المعاني اللانهائية والتي تنتشر فوق النص متجاوزة كل الحواجز ([54])

ثانياً- الزواحف

الأفعى

وردت الأفعى في قصيدتين من المجلد السابع ،  الأولى : (حوار مع الأفعى التي سرقت عشبة كلكامش). والثانية (وصولا إلى). 

في قصيدة (وصولا إلى)([55])

وخامسةً مثل كلكامش

يشربُ ليلَ نهار

من كأسِ خيبتهِ الكبرى

بعدَ أن سرقت الأفعى

عشبتَه المُذهلة،

وسادسةً

وسابعةً

وثامنةً

وتاسعةً

و

و

و

وصولاً إلى الصّفر: ملكِ الأجوبة!

فكثيراً ما يرد ذكر هذه الأفعى في دواوينه ، فدلالة الأفعى لم تتعد الغدر وسرقة سرد الخلود ، فهي في انعكاساتها دليل على الخيبة والضياع بعد أن اقترب من الوصول .

ويقول في قصيدة  حوار مع الأفعى التي سرقتْ عُشبةَ كلكامش([56])

وجدتُها ذاتَ أسطورة.

كانتْ نائمةً فوقَ الرمل،

كانتْ، بالأحرى، تتظاهرُ بالنوم.

ولأنّي كنتُ مَفتوناً بالدنيا وبكلكامش

فلم أفزع منها،

بل قلتُ لها:

أحقّاً سرقتِ عُشبةَ الخلودِ من كلكامش

وتركتِه ليواجَه خيبتَه الكبرى؟

رفعتِ الأفعى رأسَها،

وقالتْ: نعم.

قلتُ: كم أنا محظوظ إذ ألقاكِ!

أريدُ من سِرِّ خلودِكِ شيئاً!

قالتْ: يا هذا لا خلودَ لكَ أبدا

إلّا أن تحملني حولَ عنقكَ ليلَ نهار،

وتتحمّل غضبي ونَزَواتي

حتّى أنّي قد ألتفّ

على عنقِكِ حينَ أشاء!

قلتُ مرعوباً: لا لا لا.

قالت: لم يبقَ أمامكَ إلّا أن تتبعني

إنْ شئتَ شيئاً من سِرِّي.

لكنّي سأتعبُكَ طوال العمر

فجِلْدي يتغيّرُ أبدا

وَنَزَواتي وطُرُقي تتغيّرُ أبدا.

فيما أنتَ ستتبعني بقدمين حافيتين

وقلبٍ مذهول.

ستحرقُكَ الشّمس

ويعذّبُكَ العطشُ، الجوع

ويمزّقُكَ الحرمان!

لا أظنّكَ تتحمّل هذا كلّه

فاغربْ عن وجهي يا هذا...

اغربْ عن وجهي يا هذا الإنسان،

والعبْ لعبةَ خيبتِكَ بعيداً عنّي

يا حفيدَ البائس كلكامش!

فأراد الشاعر في هذا الحوار مع الأفعى  أن يدل على الخيبة التي عاشها في حياته وعكستها قصائده بحثاً عن السعادة التي كان يتمناها ، فهو كلكامش الذي سرقت منه الأفعى سر الخلود ، إلا أنه لم يحظ بالسعادة وراح يبحث عنها في أروقة الكلمات والحروف .

 

النتائج:

1- الحيوان في شعر أديب كمال الدين ليس مجرد عنصر زينة بل هو رمز غني بالدلالات العميقة التي تعبر عن جوانب مختلفة من التجربة الإنسانية،  من خلال الحيوانات، يتمكن الشاعر من توصيل أفكاره ومشاعره بطرق مبتكرة وملهمة، مما يجعل شعره مساحة غنية للتأمل والفهم العميق.

 

2: الطائر رمز الحرية والتحرر: غالبًا ما يستخدم الطائر كرمز للحرية والتحرر من القيود الأرضية. يمكن أن يمثل أيضًا الروح الطائرة التي تبحث عن معنى أو غاية أعلى.

 

3- أديب كمال الدين يستخدم الحيوانات أيضًا لتعزيز الوصف الحسي في شعره، مما يضفي على قصائده أبعادًا وجدانية غنية. فالحيوانات في شعره ليست مجرد كائنات، بل هي تجسيد للمشاعر والذكريات والأحاسيس.

4- استعمل الشاعر الحمامة كرمز للحب والسلام ، اما اللقلق كان دليل المحنة ومواجهة المصاعب .

 

5-  امتلك الحيوان  حضورا واسعا في مجلد الشاعر ، وهذا يعني أن للشاعر قدرة في توظيفه ، ليشع بدلالات أوسع .

6- كانت الحيوانات الأليفة هي أكثر حضوراً في المجلد السابع ، وهذا يؤكد رغبة الشاعر في السلام الروحي ، والحياة السعيدة ، وتوق نفسه للطيران في الملكوت الأعلى ، لذا رأينا للطير حضوراً أوسع عن غيره.

7- كانت دلالة الحصان معاكسة لما ألفناه عن استعمالات الشعراء المعاصرين تماما فقد رسمه بطريقة سريالية فتحت باب التأويل واسعا لفهم ما أراده.

8- كان لتوظيف السلحفاة والضفدع في قصائده اثرا واضحا في ترسيخ دلالة البطء والتحول المرجو ، وفي خلق صور حركية ممزوجة بالصوت مع توالي الدلالات. فالشاعر يستخدم الحيوانات كرموز للتعبير عن مفاهيم روحية وفلسفية عميقة. ففي قصيدته "الضفدع"، يمكن رؤية الضفدع كرمز للتحول والتغيير، أما السلحفاة فكانت رمزا للتغير البطيء الذي تبدو عليه الرتابة مع طول السنين وتقاعس الهمم.

9- كان حضور الحيوانات المفترسة قليلاً  مقارنة بالحيوانات الأليفة ، وهذا دليل على رغبة الشاعر في حياة بعيدة عن المآسي والحروب.

10- كانت دلالة الأفعى  لم تتعد السرقة وذهاب الآمال ، فرمزية الحية التي سرقت عشبة كلكامش نجد صداها واسعاً في قصيدته ، فهو المغترب الضائع الذي سرقت الغربة آماله ، وانتهى معها خلود الأيام في ذهنه.

واخيراً يمكننا القول إن الشاعر أديب كمال الدين يقدم شعره بأساليب مختلفة ، مباشرة أحياناً وحوارية أحياناً أخرى ، وتساؤلية  تدور في فلك التنوع ، وفي كل هذه الأساليب أستطاع أن  يبدع للحيوان حضورا، سواء في عناوين القصائد كالذئب ، والصقر والأفعى ، أو أن يكون من ضمن القصائد ، فقد وشح الكلمات به كدال عميق ، متشعب الدلالات يجعل النصوص تحمل بين طياتها ما أراد الشاعر بأسلوب سهل وكلمات أقل.

 

 

المصادر

      أديب كمال الدين : حرف غرد في منفى ، جريدة كل الأخبار 17 آذار 2016.

      اسلوبية التشكيل الشعري  المعاصر، عند أديب كمال الدين، ا.د كريمة نوماس محمد المدني ،  دار أمل الجديدة ، سوريا، ط1، 2021.

      -الأعمال الشعرية الكاملة ، أديب كمال الدين ،مج 7، منشورات ضفاف ،منشورات الاختلاف ،ط1، 1445ه-2024م .

      -الذئب في الأدب القديم ، د. زكريا عبدالمجيد النوتي ،أيتراك للنشر والتوزيع – القاهرة ، ط1، 2004 .

      -السمك يسبح في الشعر السنوي / محمد شهاب ، مقال على الرابط kenanaonline.com

      -الصوائت والمعنى في العربية(دراسة دلالية ومُعجمية )محمد محمد داود، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع،القاهرة ،2001م.

      -الطير رمزاً  لطير رمزاً دراسة في أمثلة من الشعر العربي الحديث، أ.دسمير كاظم خليل وم.ياسر عمار مهدي ، مجلة ديالى ، العدد الثالث والسبعون :2017

      -المرشد في فهم اشعار العرب ، عبدالله بن الطيب بن محمد بن أحمد  بن محمد المجذوب (ت1426ه ): الناشر : دار الآثار الاسلامية ،وزارة الاعلام الصفاة –الكويت ،ط2سنة 1409ه-1989م.

      -المعاني الكبيرة في أبيات المعاني : حمزة بن حسن الاصبهاني ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1984:264.

      -انكسرت المرآة فتدفق البجر، محمد محمد السنباطي : جريدة الوطن الجزائري  20 تموز – يوليو 2015.

      -تشكيل الصورة وانزياحها في شهر أديب كمال الدين د. علي الزيدي ، م.م مها يوسف عاجل ، ، موقع الفكر ، 8 شباط ، فبراير 2015.

      -توترات الابداع الشعري  ، حبيب مؤنسي ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق، ط1، 2009

      -حياة الحيوان الكبرى : محمد بن موسى الدميري ، القاهرة ، مصر ،1891:2/151، --:الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة : للاصبهاني ، مع عبد المجيد قطامش ، القاهرة ، 1972م.

      -خاتمة قصيدة الومضة دراسة تحليلية ، اماني الحفناوي ،مجلة كلية الآداب جامعة الفيوم مج 14، ع1(يناير)2022.

      -رمزية الحيوان في شعر محمد حسين هيثم ، بحث مجلة العلوم التربوية والدراسات الإنسانية ، العدد(25)، سبتمر 2022، ص 285

      شعرية النقطة والحرف في شعر أديب كمال الدين، د.سعد التميمي ، جريدة الصباح الجديد: 7حزيران :2023.

      -صوّر الُمثقَّف : ادوارد   سعيد ، غسان غصن (مترجما): بيروت ، دار النهار ،1996 .

      -فلسفة الجمال في فضاء الشعرية العربية المعاصرة : عبد القار عبو ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، ط1، 2007م  .

      -فهم الذات في قصائد الشاعر الحروفيّ أديب كمال الدين ، جريدة الزوراء ، 24تشرين أول 2019.

      -قصص الحيوان في الشعر العربي القديم ، أحمد حمادي خميس ( رسالة ماجستير)، كلية الآداب ، الجامعة المستنصرية ، باشراف د.هند حسين طه ،1419ه-1998.

      كتاب الحيوان ابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، كتاب الحيوان ، تحقيق وشرح ، عبد السلام محمد هارون ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي أولاده – مصر ، ط2،1965م .

      -كتاب السياب الشعري حسن الغرفي (جمع وأعداد وتقديم)، ، منشورات مجاة الجواهر ،فاس ، مطابع دار الثورة للصحافة والنشر – بغداد ص116.

      -مشهد الحيوان في القصيدة الجاهلية حسين جمعة ، دار رسلان، للطباعة والنشر ،2010.

      -نماذج حصرية –للنهايات المفاجئة في الومضة القصصية، شريف عابدين ، اخبار الأدب ، صفحة إبداعات 2020.



[1]() - الذئب في الأدب القديم، د. زكريا عبدالمجيد النوتي أيتراك للنشر والتوزيع – القاهرة ، ط1، 2004 ، ص32.

[2]() -ينظر :  كتاب الحيوان ابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ،  ، تحقيق وشرح ، عبد السلام محمد هارون ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي أولاده – مصر ، ط2،1965م ، ج1، ص312،313

[3]() - رمزية الحيوان في شعر محمد حسين هيثم ، بحث مجلة العلوم التربوية والدراسات الإنسانية ، العدد(25)، سبتمر 2022، ص 285

[4]() -ينظر :كتاب السياب الشعري (جمع واعداد وتقديم)، حسن الغرفي، منشورات مجاة الجواهر ،فاس ، مطابع دار الثورة للصحافة والنشر – بغداد ص116.

[5]() - ينظر : قصص الحيوان في الشعر العربي القديم ، أحمد حمادي خميس ( رسالة ماجستير)، كلية الآداب ، الجامعة المستنصرية ، باشراف د.هند حسين طه ،1419ه-1998: 32.

[6]() -الأعمال الشعرية الكاملة ، أديب كمال الدين ،مج 7، منشورات ضفاف ،منشورات الاختلاف ،ط1، 1445ه-2024م : 36

[7]() - مج7: 17

[8]() -مج7: 251

[9]() - ينظر :الطير رمزاً   الطير رمز اًدراسة في أمثلة من الشعر العربي الحديث، أ.دسمير كاظم خليل وم.ياسر عمار مهدي ، مجلة ديالى ، العدد الثالث والسبعون ،2017:ص 336.

[10]() - الصوائت والمعنى في العربية(دراسة دلالية ومُعجمية )محمد محمد داود، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع،القاهرة ،2001م:9.

[11]() - مج : 281.

[12]() -مج 7: 70.

[13]() - صوّر المثقف : ادورد   سعيد  ، غسان غصن (مترجماً)، بيروت ، دار النهار ، 1996: 58

[14]() -مج7: 45.

[15]() - ينطر : (فهم الذات في قصائد الشاعر الحروفي أديب كمال الدين )، جريدة الزوراء  24 تشرين أول 2019.

[16]() - مج 7: 255.

[17]() -تشكيل الصورة وانزياحها في شعرأديب كمال الدين، د. علي الزيدي ، م.م مها يوسف عاجل ، موقع الفكر ، 8 شباط ، فبراير 2015

[18]() - مج 7: 48.

[19]() - مشهد الحيوان في القصيدة الجاهلية ، حسين جمعة، دار رسلان ، للطباعة والنشر ، 2010: 62

[20]() -مج7: 194.

[21]() -مج7: 146.

[22]() - مج 7: 119

[23]() - ينظر : (شعرية النقطة والحرف في شعر أديب كمال الدين)، د.سعد التميمي ، جريدة الصباح الجديد: 7حزيران :2023.

[24]() - مج 7: 276.

[25]() - مج7: 157.

[26]() - ينظر : (انكسرت المرآة فتدفق البجر)، محمد محمد السنباطي : جريدة الوطن الجزائري  20 تموز – يوليو 2015

[27]() - مج 7: 273.

[28]() - مشهد الحيوان في القصيدة الجاهلية ، حسين جمعة  دار رسلان، للطباعة والنشر ،2010: 61

[29]() - مج7: 166.

[30]() - مج 7: 28.

[31]() - حياة الحيوان الكبرى : الدميري : ج2/202.

[32]() - ينظر : المرشد في فهم اشعار العرب ، عبدالله بن الطيب بن محمد بن أحمد  بن محمد المجذوب (ت1426ه ): الناشر : دار الآثار الاسلامية ،وزارة الاعلام الصفاة –الكويت ،ط2سنة 1409ه-1989م: ج2/152.

[33]() - مج 7: 23.

[34]() -مج 7: 211.

[35]() - ينظر : المعاني الكبيرة في أبيات المعاني : حمزة بن حسن الاصبهاني ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1984:264، وينظر : حياة الحيوان الكبرى : محمد بن موسى الدميري ، القاهرة ، مصر ،1891:2/151، وينظر :الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة : للاصبهاني ، مع عبد المجيد قطامش ، القاهرة ، 1972م: (1/249-250).

[36]() -مج7: 21.

[37]() - أديب كمال الدين : حرف غرد في منفى ، جريدة كل اللأخبار 17 آذار 2016.

[38]() -مج7: 111.

[39]() -مج 7: 271.

[40]() -مج7: 239.

[41]() - مج 7: 280.

[42]() - خاتمة قصيدة الومضة دراسة تحليلية ، اماني الحفناوي ،مجلة كلية الآداب جامعة الفيوم مج 14، ع1(يناير)2022

[43]() -نماذج حصرية –للنهايات المفاجئة في الومضة القصصية، نماذج حصرية ، شريف عابدين ، اخبار الأدب ، صفحة إبداعات 2020.

[44]() - مج7: 285.

[45]() - السمك يسبح في الشعر السنوي / محمد شهاب ، مقال على الرابط kenanaonline.com

[46]() - مج 7: 210.

[47]() -مج 7: 125.

[48]() -مج7: 175.

[49]() -مج7: 17.

[50]() -مج7: 277.

[51]() - ينظر : توترات الابداع الشعري  ، حبيب مؤنسي ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق، ط1، 2009 : 89 . ن

[52]() -مج 7: 71.

[53]() -مج7: 270.

[54]() - فلسفة الجما ل في فضاء الشعرية العربية المعاصرة : عبد القار عبو ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، ط1، 2007م  125، و اسلوبيةالتسكيل الشعري  المعاصر، عند أديب كمال الدين، ا.د كريمة نوماس محمد المدني ،  دار أمل الجديدة ، سوريا، ط1، 2021 : 31.

[55]() -مج7: 89.

[56]() -مج7: 246.

**********************************************

نُشرت في مجلة آداب البصرة- جامعة البصرة العدد 111 آذار 2025

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home