قراءة في كتاب
(التناص مع القصص القرآني في شعر أديب كمال الدين) اشتغالات بُنى القرآنيّة
في نصوص أديب كمال الدين
تمدّ بمباشرة أو عدم مباشرة تأثيريّة النصوص الإبداعية مع
بعضها لاحق بسابق بطريقة تجعل العلاقة متآتية على مستويات
الدّوال اللفظية للإحالة إلى معنى، ومنذ طرح كرسيفا مصطلح
التناص تسوّغت طرائق الأخذ والتأثير، بمبررات علمية ومسالك
أدبية تجعل النّص يتّسع لقراءات تابعة لأيديولوجية نقدية تبرز
مقاصد الإبداع، وحين نقف عند (التناص) وقد شكّل مفهومه بعدا
خاصا مغايراً في مجاله الفني، فإنه يحقّق رؤية الانتقال من
البعد اللساني التواصلي إلى البعد الثقافي، ضمن أطر المقصدية
الإبداعية والخطاب النقدي، فيصبح النّص الجديد من – خلال عملية
تفاعل وحداث البناء النّصي – مدوّنة إبداعية تشتمل على وظائف
مضمرة خلف عملية التفاعل، لاسيما في التعامل مع النص القرآني
الشريف، إذ تمنح تراكيبه فاعلية الاشتغال على مستويات متنوعة
في التلقي والتأويل، هذا ما وجدناه في الكتاب الموسوم «التناص
مع القصص القرآني في شعر أديب كمال الدين» الصادر عن منشورات
اتحاد الأدباء والكتاب في العراق 2021 للمؤلفين: د. فاضل عبود
التميمي ود. نجلاء أحمد نجاحي.
الفصل الأول/ طوفان نوح
*****************
في هذا الفصل معالجة تناصية مجتزأة من قصة، وهي (ظاهراً)
مخالفة لما يحيل عليه عنوان الكتاب، الذي يهتم بدراسة القصص،
والطّوفان حدث من أحداث قصة نوح عليه السلام، وهذا ما لم نجده
في الفصل الثاني كما سنرى، وفي ذلك إشارة لقضيتين:
لوّحنا لهُ بطفولتنا العارية
وبضياعنا الأزليّ
وبشمسنا الصغيرة التي تغيّر طعمُها
وأصبحتْ بحجمِ ليمونةٍ ذابلة.
لم ينتبه الرجلُ إلينا...
وكنّا لا نطلبُ شيئاً سوى النجدة، النجدة.
أما في المحور الثاني (التناص الامتصاصي) فالمؤلف يقف دلالة
الامتصاص التي تحيل على الشكل الجديد للمعنى الأول، بإعادة
الصياغة، وهي التقاطة مهمة تجسد وعي المؤلف باللعبة التي قصدها
الشاعر (لعبة امتصاص المعنى) فهو يقف عند آليات الامتصاص
بتفاعل العناصر اللغوية التي اسهمت في تكوين هذا الشكل ثم
ترحيل المعنى إلى الشعر بلغة شعرية جديدة.
الفصل الثاني/ قصة يوسف
*****************
يتشكّل هذا الفصل بتلازم منهجي مع الفصل الأول مع مغايرة
مبعثها ثقافة المؤلفَين وطبيعة القراءة والمعالجات الإجراءية،
وثمة ملاحظات نؤشرها على العنوان، إذ تصرّح المؤلفة بقصة النبي
يوسف، الأمر الذي يجعلنا نطرح تساؤلاً: لما لم يقل قصة نوح؟ أو
لماذا لم تقف المؤلفة عند حدث معين كما هو حدث الطوفان؟ هل
المؤلفان محكومان بالنّص الشعري ومدى حضور الطوفان في المنجز
الشعري، عكس حضور قصة النبي يوسف بعمومها؟ والإجابة عن هذه
التساؤلات تتمظهر من خلال قراءة الفصل الثاني، الذي هيأت
المؤلفة منهجية بطابع تنظيري يسجل بعدا ينعكس على الدّلالة
العامة في قصة يوسف عليه السلام حيث الإيذاء والفراق والهجرة
ومن ثمّ التمكن وما رافقها من مضامين، وهي بذلك تقرأ النّص في
حالة تعالقه مع مرجعيات تتصل بتجربة الشاعر وهو يعاني ذلك
الأثر فجعله بعداً إبداعيّاً من خلال التناص الانعكاسي، ومنها
تتحقق الإجابة عن مسوغ إستحضار (قصة يوسف) في الشعر العربي
قديما وحديثا في كتاب يعنى بشعر أديب كمال الدين؟ لعلّها تريد
أنّ قصة يوسف في شعر أديب كانت في الأصل في حالة تناص مع نصوص
إبداعية سابقة، كما يقف الفصل عند آليتين وظفها الفصل الأول:
(الحوارية، الامتصاص) فتفسح للمتلقي إعادة إنتاج المعنى
وتشكّله برؤية جديدة نابعة من خصوصية التجربة الشعرية.
الفصل الثالث/ قصص أخرى
*****************
كُتب هذا الفصل مشتركا، وهو يوظف شخصيات القصص القرآني حسب
توظيفها في النتاج الشعري، ويطرح فكرة حضور تلك الشخصيات في
الشّعر العربي قديما وحديثا، وهو تناص يشكّل انبعاث المنهج
الذي ألزم الكتاب نفسه به في العنوان الذي خصّص لتجربة أديب
كمال الدين، وطريقة التناول الإجرائي في القراءة والتحليل
والتأويل، ويأتي ذكر هذه الشخصيات في الشّعر العربي كمنهجية
إحصائية ومعالجة تناصية تؤصل للتجربة، وتؤكد فاعلية المحتوى
المضموني الذي ينعكس إلى إحالات يحدها الناقد أو المتلقي ضمن
منهجية معينة، ما يعني أنّها حقّقت جماليات التناص وبعده
الثقافي.
**************************************
(التناص مع القصص القرآني في شعر أديب كمال الدين) تأليف: د.
فاضل عبود التميمي ود. نجلاء أحمد نجاحي،
منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بغداد،
|
All rights reserved
جميع الحقوق محفوظة