حيرة ملك

 

شعر: أديب كمال الدين

 

 

 

 (1)

لم أكن ملكاً مثل باقي الملوك

كنتُ – ولم أزلْ –  طيّباً إلى حدّ السذاجة

ومرتبكاً أغلب الوقت،

عادلاً إلى حدّ أن أظلم نفسي

وأترك شعبي

يحيطُ بقصري في كلّ ليلة

حاملاً المشاعلَ والفؤوس

صارخاً، شاكياً، لاعناً.

(2)

كنتُ – ولم أزلْ –  متواضعاً:

أزرعُ القمحَ والعنب

مع الفلاّحين في الحقول

وألعبُ الشطرنجَ مع اللاعبين الصغار.

ليس لديّ خدم ولا خيول أو كلاب.

بسيط إلى حدّ أنني أتناولُ طعامي

في مطعمٍ منزوٍ في الأزقّة

دون أن يلاحظَ صاحبُ المطعمِ البدين

أنني صاحب الجلالة الملك.

(3)

مع ذلك،

فقد اعتادَ شعبي

أن يخرج في كلّ ليلة

مطالباً برحيلي.

مع أنني لا أفرضُ الضرائبَ على أحد

ولا أهين الطفولةَ ولا الشيخوخة

وليستْ لديّ أيّة رغبةٍ في إشعالِ الحروب.

بسيط  إلى حدّ أنني لا أركبُ الخيل

ولا أعرفُ أن أركب الخيل

أمشي، حين أشاء، على قدميّ

دونما موكبٍ أو طبول

وكثيراً ما أطلبُ من حرّاسي

أن يستقيلوا

 فلا أعداء لي كما أعتقد.

(4)

ولكنْ

لِمَ اعتادَ شعبي

أن يتظاهر في كلّ ليلة؟

ولِمَ اعتادت الملكة

أن تشاركهم في الهتاف؟

(وربّما شاركهم ولدي وقائد جندي!)

ولِمَ يحملُ المتظاهرون المشاعلَ والفؤوس؟

الكلّ يعيشُ في مملكتي دون خوف.

الماءُ متاح

والشمسُ متاحة.

الملحُ متاح

والعملُ والحبُّ والرقص

فلِمَ كلّ هذا الصياح وذاك النواح؟

(5)

آ...

كان ينبغي أن أكون

كأبي الملك المُهاب

ذاك الذي حرّمَ التجوالَ ليلاً

لأكثر من خمسين عاماً

ومنعَ الكلابَ – كأيّ طاغيةٍ – من النباح!

 

 

الصفحة الرئيسية