قصيدتي المغربية
شعر: أديب كمال الدين
(1)
قالت النقطة:
حبيبتي المغربية
لها ميم رطبة دافئة
وسين فتحتْ لبّها للوحوش المهذبين
ولها ألف مثل أفعى الكلام.
(2)
حبيبتي المغربية
لها باء غير باء البسملة
ولها حلم من جنونٍ مؤكّد
أحتاجه مثلما أحتاج إلى حبّةٍ من هواء.
(3)
سأبدأ كتابة هذه المغربية
لكنْ، بماذا؟
أحتاج، هنا، إلى أبجديةٍ من معاول
أبجديةٍ من سكاكين
إلى أبجديةٍ من هذيان مركّز
ونزيفٍ مؤكّد.
(4)
يا إلهي
أحتاجُ أن أطير بجناحيّ نسر وعينيّ صقر
من قارةِ الكنغر الوحشي
إلى قارةِ البرابرةِ الناعمين
من قارةِ دخولِ المعنى في اللامعنى
إلى قارةِ السحرالأسود
واللغة التي تفتح ساقيها رويدا ًرويداً.
(5)
أعنّي إلهي
فقصيدتي المغربية تومضُ لي
أنا نقطة ُالمعنى
أنا نقطة ُالغرباءِ المحرومين
أنا نقطة ُجنونِ الشاعرِ وهذيانه المرّ
أعنيّ إلهي..
فقصيدتي المغربية تومضُ لي
أنا نقطة ُالجنونِ الأبهى
أنا نقطة ُالملائكةِ في مرايا الطفولة
أنا نقطة ُمَن قال لكَ شيئاً مُريباً
وولىّ بعيداً
أنا نقطة ُمَن يتهدّج بالدمع
حين يسمع صيحاتِ حرفك
أنا نقطة ُمَن لا حرف لهم
أنا نقطة ُمَن لا نقطة لهم
إلهي..
تباركتَ
تعاليتَ
كيف لي أن أطير بجناحيّ نسر
من بلادِ الكنغر
إلى مدنِ السحر
كيف لي أن أعانق فاس ومكناس
أن أبايع عرّافةَ السحرِ والجنس
في بلادِ الرباط؟
(6)
تباركت َ
باركْ هذا الحلم
بَسملْه بالبسملة
حَوْقلْه بالحوقلة
وأطلقْ له جناحين من جبرائيل
وصيحةً من إسرافيل
وقلْ له وأنتَ تنظرُ للماءِ والشمس:
كنْ فيكون
فإذا بالمغربية صارتْ كلامَ الجسد
وجسدَ الكلام
وإذا بها غيمةً من هيام
وإذا بها تنفثُ في روحي سحرَ الكتابة
وتطلقني ـ أنا النقطة ـ فأهبط ُمن أعلى عليين
إلى أسفلِ سافلين
أهبط ُمعي نارُ الغزاة
ونارُ البدو
ونارُ الهنودِ الحمر
ونارُ سحرةِ داود
ونارُ القراصنة
ونارُ الفراعنة
ونارُ أنكيدو وكلكامش
ونارُ أور وبابل
ونارُ آلاف المشاعل
أهبط ُ فيها رويدا ًرويداً
وأجتاحها بالطلاسم
وأجتاحها بالهذيان المركّز
وأجتاحها فجراً ففجراً
ليلاً فليلاً
وأجتاحها قوساً فقوساً
نهداً فنهداً
ثم أصعد أو أهبط في سهلها المغربيّ
حتّى أصل إلى نهرها المقدس
وأبدأ إحراقها شيئاً فشيئاً
أحرقُ كفّها التي قبّلتْني
وأحرقُ نهديها اللذين استجابا كالعبدِ لي
وأحرقُ بطنها الذي أكل لبَّ حلمي
وأحرقُ سيقانها التي انتظرتني طويلاً طويلاً
وأحرقُ أجراسها وأحراشها وساحلها البربريّ
وأحرقُ بوابتها المقدسة الكاذبة
وأحرقُ أسرارها: سرّاً فسرّاً
ثم أتلاشى معها غيمةً من دخان.