بسم الله الرحمن الرحيم

تفاصيل

 

 

 

تفاصيل

شعر: أديب كمال الدين

 

مطبعة الغري الحديثة، ط 1 ، النجف، العراق 1976

 

الأعمال الشعرية الكاملة : المجلّد الأول

منشورات ضفاف، بيروت، لبنان 2015

الترقيم حسب الطبعة الثانية

 

غلاف الطبعة الأولى : الفنان حميد ياسين

 

                         

* تفاصيل                           291

   - لقاء : وداع                               293

   - النبيّ الصغير                             294

   - قصيدة حُبّ                               298

   - طفولة                                    301

   - قصائد صغيرة                            302

   - أبو الهول                                305

   - لم                                       308    

   - قصيدة                                  309

 

 

 

  

 

 

 

لقاء: وداع

 

 

النرجسُ: ذكرى عطرِ امرأةٍ قد فارقت البحرْ،

وقصيدةُ حلمٍ يكتبُها طفلٌ يحبو عند السُلّم.

النرجسُ: فجرٌ لا جدوى فيه إلى الكلمات،

لا جدوى فيه إلى وجهِ الأنهارِ المرميّة

كقطارٍ بلّلهُ الليلُ، وداعُ الباعة.

النرجسُ: أصواتٌ ملأى بالشمس،

كفٌّ لذراعٍ تسقطُ عند الشاطئ ضاحكةً،

وعيونٌ تومضُ أحلاماً

وقصائد تحلمُ بالثلجِ، النسيانْ.

*

قالتْ ذلك

وبكتْ مثل النرجس.

 

 

 

 

   

 

النبيّ الصغير

   

 

1.

الشتاءُ نبيٌّ صغيرْ،

ملعبٌ للزمانِ القديمْ،

لحظةٌ للفراشِ المُغطّى بلونِ القصائد عند اللقاء الأخيرْ.

الشتاءُ نبيٌّ صغيرْ

أطفأ الضوءَ لكنّه عادَ وقت المساء الوحيدْ

مثل أرجوحة بلّلتْها الظهيرة

والعشاءُ الخجولُ الخُطى.

الشتاءُ نبيٌّ صغيرٌ فَلمّي التي صوتها

غابة من زئيرِ البنفسج

صوتها النوم في بركةٍ للطفولة،

والتي غادرتْ ليلَها مَرّةً

فاشترتْ دفتراً سجّلتْ فيه أشجارَها،

سجّلتْ فيه شيئاً ونامتْ

مثلما الطفل عند اشتهاء البكاء الأخيرْ.

الشتاءُ نبيٌّ صغيرٌ فَلمّي التي عاشرتْ لونَ خوفي:

وجهَ عشرين قرناً:

كلّ قرنٍ بيومٍ وحيدْ

كلّ يومٍ بثانيةٍ واحدة،

والتي غادرتْ ليلَها مَرّةً

فاشتهتْ أنْ ترى ليلَها مَرّةً ثانية.

الشتاءُ نبيٌّ صغيرُ الأصابع:

بلّلتْ وجهَها بالمساحيق، عادتْ

خطو فعلٍ عتيقْ.

2. 

الشتاءُ كثيرُ الغيومْ.

الشتاءُ: الرجالُ الذين ابتدوا صوتَ لحنٍ قديمْ.

الشتاءُ: السكائرُ مشعولةٌ في الظلامْ.

الشتاءُ الغريبْ:

صفحةٌ، ساعةٌ لا تجيدُ الحديثْ،

ضجّةٌ مِن طيورِ الفراتْ.

الشتاءُ: أغانٍ بلا عودةٍ للنخيلِ المُغطّى بأعشاشهِ.

الشتاءُ: النساءُ اللواتي يغنين وقت انهمار السوادْ.

الشتاءُ الذي يخطفُ الآن صوتي

وجهَ عشرين قرناً:

كلّ قرنٍ بيومٍ وحيدْ

كلّ يومٍ بثانيةٍ واحدة.

والشتاءُ ابنُكِ الماجنُ الصامتُ المُبتلى

الذي يسألُ الفجر:

أين هذا العشاء الخجول الخُطى؟

والشتاء: البحارُ التي تتركُ الفجرَ صوتاً

ثُمَّ تستقبلُ الفجرَ كأساً وخمراً.

أنتِ فاتنةٌ

كالملاهي التي تتركُ الفجرَ كأساً

ثُمَّ تستقبلُ الفجرَ كأساً وموتاً.

أنتِ فاتنةٌ كالدعابة

والشتاءُ ابنكِ الماجنُ الصامتُ المُبتلى

بالعشاء الخجولِ الخُطى.

والشتاءُ النبيّ:

بلّلتْ وجهَها بالمساحيق، عادتْ

خطو حرفٍ عتيقْ،

خطو طيرٍ يموتْ

حين يأتي الشتاءْ:

نبضةً تشتهي صوتَ أطفالها

والغناءَ الذي ضيّعَ النخلَ، أعشاشَهُ.

حين يأتي الشتاءْ

ساعةً من دموعْ

باقةً من ندى.

3.

الشتاءُ: نبيذٌ يبدّلُ صوتاً بآخر

      : النجومُ التي علّقتْ فخذَها في الجدارْ

      : الطريقُ الذي قلّدتْه الرياحْ

      : القصيدةُ عند النهاية

      : القصيدةُ عند البداية

الشتاءُ: الصديقْ

الشتاء: البقيّة:

             أينَ وجهُ العشاءْ؟

             أينَ وجهُ الشتاءْ؟

 

 

 

 

 

 

قصيدة حُبّ

 

 

حُبّي!

من أجلكَ أدركتُ أنينَ الطير،

ذكرى امرأةٍ ضاعتْ

ما بين شوارع واسعة كجناحِ الموتْ.

 

حُبّي!

من أجلكَ أنبتُّ الأزهارْ:

النرجس: ماءْ

والسوسن: مائدة للريحْ

والجوري: طفل يلقي من فوق الجسر الأوراقْ،

والأزهار البرّيّة: سيّدة للحُبّ

والدفلى: وجه ضاعتْ من عينيه الكلمات.

 

حُبّي!

من أجلكَ عانقتُ الألوانْ:

الأزرق لون الليلِ وفاكهة الروح،

الأخضر طعنة عاشقةٍ وسرير بكاءْ،

الأسْوَد للبلبل

لجراحٍ تأتي حافية القدمينْ

وجراحٍ تذهبُ أو تبقى

كالأشجارِ المهجورةِ وسْط الريحْ.

 

حُبّي!

من أجلكَ أطلقتُ الأحلامْ:

هذا حلم لربيعٍ يأتي من خلف الصحراءْ.

هذي أحلام قلائد من رُمّانٍ وزبرجد

وشموسٍ تسقطُ كاللؤلؤ.

هذي أحلام صباحٍ مُندهشٍ بالرغبةِ. تلك، إذنْ،

أحلام جليسٍ يبكي في الحفلة.

هذا حلمٌ أسْوَد!

حلمٌ يهذي: أوَ تذكرُ شيئاً عن حلمٍ؟

 

حُبّي!

من أجلكَ قد غنيّتُ حروفاً لا تُوصَف

وحروفاً تشكو لونَ الليلِ وتمشي كالأطفالِ المسرورينْ،

وحروفاً تهمسُ للصيفِ، الماءْ

وحروفاً تُعْزَفُ للأسفارْ

أو تُعْزَفُ حين يشيبُ الوردُ، الكاسْ

وحروفاً أقدم من أصواتِ الطيرْ،

من ذاكرةِ الأنهارْ،

وحروفاً قد ضاعتْ من قبل وما وُجِدَتْ،

وحروفاً ترسمُ فاكهةً قُطِفَتْ

أو سنبلةً تأتي لا ريب بإذن اللّهْ.

 

حُبّي:

هذي مائدتي تسألني:

أوَ أنتَ المجنون الجالس

تحت الأشجار ليبكي ليلَ نهارْ؟

حُبّي: انظرْ هذه مائدتي

صُنِعَتْ من أقصى غاباتِ الكلماتْ.

لا تشكو شيئاً أو أحداً،

لا تأملُ أنْ تدعو أحداً.

حُبّي: انظرْ هذي مائدتي

وُشِمَتْ بدمي!

 

 

 

طفولة

 

 

1.

أأنا صوتٌ ودعاء أبيض

حلمٌ وزياراتٌ صيغَتْ من أعماقِ الوردة؟

أأنا مطرٌ ورمادٌ مُعشب

ولقاءاتٌ تمّتْ في ثدي الفجرِ، الظلمة؟

أأنا حضنُ امرأةٍ،

نهرٌ، ألمٌ، وإلهٌ مُستترٌ،

زمنٌ يتخثّرُ كالقُبْلة؟

2. 

يدعوني القاتلُ: تذكرة للرعبْ،

يدعوني العاشقُ: مائدة الأحلامْ،

والشاعرُ: غابات لا تُفْهَم.

3.

 يدعوني الطفلُ: غناء العصفور الأخضر،

 ورحيل الوحشةِ والبُومة

 والفجر التائه في الصحراءْ.

 يدعوني الطفلُ بحرفِ الماءْ.

 

 

 

 

  

 

قصائد صغيرة

 

 

1.

لا تذهبْ أكثر

من مائدةِ الأطفالْ:

من مائدةِ الفرحِ الباسق،

من مائدةِ النخلِ الباسق

وغناءِ البَطِّ، تماثيل الطينِ، الأعشابْ.

لا تذهبْ أكثر من صحراء الغيرةِ والنومِ الأزرق،

صحراء الكلسِ الأبيضِ والكلْماتِ الشعثاءْ.

لا تذهبْ أكثر من جسدِ الرؤيا!

2.

ما نفعُ الأشعار

إنْ لم تأخذ بيدي؟

3

أخشى أنْ تسرقني أقماري السودْ.

أخشى أنْ تتركني كالحوتِ الميّتِ عند الشاطئ

أقماري السودْ.

4.

هل تذكرُ مَن سمّاكْ:

أعطاكَ الخيبةَ واللعبة؟

هل تذكرُ مَن أعطاكْ:

سمّاكَ الخيبةَ واللعبة؟

5.

ذكّرْ

إنْ جاءتكَ الذكرى.

ذكّرْ

ذهبتْ هذي الذكرى

كغبارِ العاصفةِ الهوجاءْ،

ذكّرْ

قطعتْ أشجارَ الروحْ

بأنين الليلِ وزلزلةِ الأمطارْ.

ذكّرْ

ماذا..؟ الذكرى!

6.

حُبّي ورقٌ تذروه الريحُ وتسكنهُ البهجة.

حُبّي ورقٌ لشوارع يسكنُها الغرباءْ

وشوارع ضاعتْ كالغربة.

حُبّي ورقٌ من طينٍ أسْوَد:

ورقٌ يأبى ويهاجرُ، يزرعُ أو ينسى،

ورقٌ للماضي والرغبة،

ورقٌ للغيرةِ والفتنة،

ورقٌ أبيض.

  

   

 

 

أبو الهول

 

 

إلى: الصديق الفنان حميد ياسين

 

 

1.

واقفٌ في الصحارى البليغة.

واقفٌ كالمرايا التي تخلقُ السرَّ تمتّصهُ

مثلما الماء إذ يختفي في رمالِ الهجيرْ.

واقفٌ في همومِ السهادْ.

واقفٌ كالرمادْ.

2.

اشترتني الزنودُ القويّة

ثُمَّ لمّا أتاني المليكُ انحنى

قالَ: نحن استوينا معاً

خفقةً للربيعِ الذي لن يموت،

مسرحاً هائلاً للطقوسْ.

قالَ: نحن الملوكْ

فانطق الآن أو فلتكنْ: 

أنتَ سرّي البليغْ،

أنتَ ربّ العروشْ.

3. 

واقفٌ

ليسَ لي صاحبٌ أو حبيبْ.

قُدَّ وجهي، إذنْ - يا لبؤسي المديد الخطى -

صخرةً من جحيمِ الصخورْ.

واقفٌ كالحلم

كالجدارِ، الإلهْ. 

4.

واقفٌ

مرّ، كالنجمةِ النازفة

من أمامي، الزمانْ.

مرَّ صوتُ البحارِ، الرياحْ.

مرَّ صوتُ الطغاةْ

والصعاليك والأحذية.

مرَّ صوتُ الشموسْ:

مرّةً تخلبُ اللبَّ من حسْنها

مرّةً مزّقَ البحرُ أثوابَها.

مرَّ صوتُ اللقاء:

كان عِقداً صغيرَ السماءْ.

مرَّ صوتُ الطبولْ

كان زهراً له وحشة الأقبية،

ضجّة الثدي والعنفوان، الدماءْ.

مرَّ صوتُ الهدى

مُسرعاً كالظلامْ.

وانتهوا؟ كالوقوفْ؟

5.

واقفٌ كالسؤالْ.

واقفٌ كالسؤالْ.

واقفٌ ما أمرّ الوقوفْ!

 

 

  

  

 

لم

 

 

  

"لم تبدأْ بعد". الشاعرُ قالْ.

فأتاه الحزنُ الأبيضُ والخوفُ البارد

وأتته الريحُ الغبراءْ.

"لم تبدأْ بعد". الشاعرُ قالْ.

فأتاه الجوعُ الأصفرُ والثلجُ القاسي

وأتاه الليلُ يمزّقُ ثوباً أسْوَد.

"لم تبدأْ بعد". الشاعرُ قالْ.

فأتته العاصفةُ، السيلُ، الأحجار.

"لم تبدأْ بعد". الشاعرُ قالْ.

فأتاه الموتْ!

 

 

  

 

 

قصيدة

 

 

يا أرحبَ لَحْدٍ مُعشِبْ

يا أرحبَ مَنأى!


 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home