قراءة في كتاب: (تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين للدكتورة أسماء غريب)

جمال العشق وتجلّياته الصوفيّة

إسماعيل إبراهيم عبد

 

 

 

تتحرك منظومة العشق للجمال والأشياء والذات والمعنى لدى الباحثة د. أسماء غريب على وفق مناول متدرجة من البسيط (التنظير والتوضيح) ثم علوّاً نحو ما وراء المظهري، ثم العمق الأول للمعنى ثم العمق الاخير للدلالة .. بمعنى أن منظومة البحث عن (الجمالية) المطلقة للذوات الكبرى (الله، الطبيعة، الكائنات ، البشر) تأخذ بالتأليف ثم التآلف ثم الانطلاق ثم الاندماج .

هي برمجة ترتكن إلى مدرسة أو إتجاه أو نظرية (ما)  كفيلة بالبوح والمعرفــــــة الحسية والمعنوية، مغامرة في استجذاب قوى (التخيل) المنبثّة في كل نص لتصير محور اهتمام قرائي .

خيال الشاعر في النصوص المدروسة في كتاب "تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين" للناقدة د. أسماء غريب ، لهو خيال مشترك ما بين صورة المظهر الشعري وصورة المتخيل النقدي . وكلاهما محور اهتمامنا الذي سيتدرج في التوصيف القرائي بحسب ما تتطلبته المتابعة من أركان دراسية بسيطة الاهداف ، قرينة التواصل  وهي /

 

1ـ ركن التأليف :

وله أربعة قروء هي :

أ ــ المظهرية : حيث اعتمدت الباحثة على المظهر الكتابي لمؤلفات الشاعر أديب كمال الدين . أرادت أن تفكّ ما فيها من مواقف  لهدف أخلاقي وفني هو ، أن تجعل أدب أديب كمال الدين في متناول يد القارئ والمتلقّي التخصصي [ تزيح عن أشعاره قداسة التعالي وتجعلها قريبة من كل مستويات التلقي وإن اختلفت وتنوعت . تجلّيات الجمال والعشق ، ص13]

هذا التوجه سيتمم عمليات القراءة بالتوضيحات النصية المطوّلة . ستحاول فيه الباحثة أن تجمع الأدلة على صدق النوايا ومن ثم دقة النتائج وثراء المحاصيل .

 

ب ــ الشيئية : من تقارب وتباعد عمليات التأليف والإجراءات تتولد قيم شبه مادية ممثلة في الكشف المعرفي ذي الصلة المباشرة بالمنظومة الفكرية للشاعر، الموجهة لشخصيته ونصّياته ، بما يعني توصل الناقدة إلى (قضية) منحوتة ومعلقة فوق مظهر كل سلوك شعري لأديب كمال الدين تلك هي : [ قضية لها علاقة وشيجة بوحدة الفكر العربي الاسلامي ، ووحدة الثقافات والحضارات الأخرى.ـ تجليات الجمال والعشق ، ص14 ]

إذاً شيئية شعر أديب كمال الدين ـ بموجب كشوفات د. أسماء غريب هي محاولـــــــة حضارية تدعو إلى التلاقح والتآخي والتسامح والتساند القيمي والفني لصالح البشرية وليس التصادم ولا المنافسة غير الأخلاقية .

 

ج ــ حركية الرؤى : حين تتحرك رؤى الشاعر على وفق مزاجه وثقافته ستعطيه فردية وخصوصية ، ولكن لربما ، لن يكون مسهماً فاعلاً في حركة التأريخ الشعري بسبب من مواقفه غير المبررة سياسياً واجتماعياً .. وهذا ما يدخل ضمن دراسة الشعر ثقافيا ، لكن هنا ، في تجلّيات الجمال والعشق ، تقف الكاتبة عند شاعر تسمو أخلاقه وأشعاره إلى مستوى لا يضاهى من العفّة والفضيلة والتجمّل والصبر واصفة رؤى فكره بالقول [ إنه الفكر الكوني الإلهي. إذن هذا الذي أنت الآن بصدده أيها القارئ ، الذي خلق البشر ولم يجعل ميزة للتفرقة بينهم سوى تقوى القلوب ــ تجليات الجمال والعشق . ص15]

فهنا ليس الفكر منحى لبحث ولا منهجاً لنصّ إنما هو متجّه عام من وجدانات الناس ومآثيرهم الاخلاقية استبطنها وجدان الشاعر فانتشرت به ذرارات بحث في فكــــــر وحركة عقائد تغور بعيداً في دم الشاعر وجسد القصيدة أمام عين عاشقة (لذت الله) في مخلوقاته ، الأشياء والمعاني .

إن العشق إندفاع ، وعندما يصير كونياً فهو عصمة أخلاقية بين السلوك والانتاج ، إنه تقاسم متزن لكليهما على وفق نظرة الناقدة د. أسماء غريب في تبنّيها لحقل الفكر الكوني كحركة رؤى شعرية في تجليات الأديب كمال الدين.

 

د ــ المعيارية : الحجم الذي يحمله التوجه الفكري للشاعر والناقدة لن يسمح إلا بوجود معيار واحد وقيمة واحدة ونتيجة واحدة وتأويل أوحد أُفرد لله وتُقاه والارتقاء لرجاه في كل نص ..

المعيار الأوحد هذا هو المعنى الأوحد للوحدانية الربانية ، وهي وحدانية تؤول إليها مئات المعاني الأخرى !

[ نصّ الشاعر أديب كمال الدين الذي هو شأن هذه الدراسة لن يحمل بين طياته معنى واحداً فقط تقتصر القراءة على إكتشافه ، كما أنه لن يكون في الوقت ذاته منفتحا على قراءات شتّى تجعل منه نصاً قابلاً لأيّ تأويل يوضع له ـ تجليات الجمال والعشق ، ص17]

 

2ــ ركن التآلف :

سنعمد إلى التعرّف على الفصل الأول بعدّه نموذجاً للتآلف بين اتجاهات ونظريات فنية عديدة ، فهو تآلف بين المناهج الفنية العديدة للجمال . تقول الكاتبة د. أسماء :[ ووعي الجمال مرحلتان، الشعور به واستيعابه، ثم الاستمتاع به. تجليات الجمال والعشق ، ص19]

 

هذا الفهم ، طبعا، أحد إتجاهات الدرس النقدي . كما أن الأثر النفسي هو الآخر اتجاه مكمل للدرس الجمالي ، وكذلك فهم الفن إجتماعياً هو منهج في الجمال ..

وكفنّ مرتبط بالخيال المنضبط بالمعرفة والخيال فقد وسّمته الباحثة (غريب) بالقول: [ وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من كون العديد من المدارس التي تهتم بعلم الجمال قد حاولت التقليص من دور الخيال والإلهام في عملية خلق الجمال الفني إلّا أنه لا يمكن بأيّ شكل من الاشكال شطبه من العملية الإبداعية ، كما لا يمكن نفي العقل ..   والجمال جزء من الفلسفة والانتاج .. وتقول موضحة:  هو ليس فقط صورة للإبداع الخيالي ولكن للانتاج العقلي الذي يتم عبر اربع عمليات يمكن تلخيصها في الاستعداد والافراخ والتبلور والنسج.   تجليات الجمال والعشق ، ص20، 21]

 

وفي التطبيق العملي ، قد آلفت الدراسة بين شؤون شعرية عدة لتحصل على جمال خالص من المعرفة والحس والتخيل يكون نموذجه شعر أديب كله!

لقد وجدت أن الصورة الخالدة الخالصة له هي تركيب ذهني ذهالي وبصري مثاله قصيدة الكثير من الصور .. تحدد الدارسة كثيراً من الصور في القصيدة مقيّدة بالزمان والمكان ، ونرى، أنها بصورة غير مدركة،  جعلت فضاء القول هو التجريد الحسي للعناصر المادية ، الذي يقوم بدورالمكمل الدلالي للتآلف المنطقي للقصيدة..

زاوية أخرى للتآلف تلك هي ، عمليات التوفيق بين الشكل والمضمون ، نرى أن الكاتبة قد استحصلته من خلائص جماليات اللون ، مثاله ، لون الغروب عند البحر، لون الامطار الإستوائية ، لون غيوم الشتاء البعيد .. (نسجّل هنا تحفظنا على جميع النتائج التي شملتها الدراسة الخاصة باللون من ص23 إلى ص97) .. ذلك أن الناقدة اتبعت التأويل وأهملت الطبيعة الفيزيائية التي احتوتها النصوص .

في مثال يبتعد عن التأويلية ويقترب من الانطباعية ، نجد فيه تآلفا من النوع القيمي مثلما هي ، الطفولة مع البحر ، نساء الأمومة مع التوحد بالألف العبادية ..

 آخر التآلفات في الفصل الأول ـ بفهمنا السابق ـ نراها في :

 أوصت الكاتبة د. أسماء غريب بموحيات التآلف بين أديب كمال الدين والنفّريّ ، في المولد ـ بابل ـ والشعر (التقاطع في المعاني) .. لعل ذلك من أطرف التآلفات في التقصي النقدي التراثي .

إما التآلفات في الفصل الثاني فهي لقائط لمجهودات تفننت الناقدة في استيفائها بدقة ونحن من لقائطها سننتقي البعض .

 الفصل الأول مع الفصل الثاني يشكّلان جهداً ابتكارياً نظرياً وإجرائياً يصل بمصاف التأسيس لمدرسة نقدية عربية بأدواتها وتفاصيل نظراتها الميدانية .

سنتوجه بالعناية إلى الفصل الثاني بما يُسهم بإكمال المهاد الـتآلفي الذي بدأناه سلفا. نرى أن الفصل الثاني قد اشتمل على تآلفات كثيرة سننوه لبعضها فقط للغرض المعلن قبل قليل .. منها:

أـ تآلف صورة المرأة مع الريح من حيث النسائمية والانشراح الروحي .

ب ــ تآلف المرأة مع الريح بجمال الكون وإنشودة حرف الإله .

ج ــ التآلف بين الشاعر والنبيّ بأدوات الأشارة العبادية ، أديب مثالاً دنيوياً ، عصا موسى مثالاً ربانيّاً .

د ــ التآلف بين المرأة الجمال والمرأة الحسّ الجمالي .

هـ ــ تقاسم التآلف الحسي بين جمال الحواس وجمال النصّ .

تلك التآلفات بحاجة لنصوص توضيحية، فليراحع المتابع الصفحات من 77 إلى 100 ) .

 

3ــ ركن الانطلاق :

في رحلة الناقدة د. أسماء غريب للفصلين الثالث والرابع سنتعرّف على البناءات التطبيقية الأساسية لبحثها (كتاب تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين) حيث تنطلق من البناءات السابقة الخاصة بالمظهريات والكيفيات (التأليف والتآلف) نحو تبني المواقف العميقة ذات الفعل القدري.. النعيم.. المقام عند تخوم (القدسي)

حيث /

*صخرة الالم = سيزيف السعيد = منطلق الجسد والروح نحو القدسي الأعلى 0

*الألم = معارج الخسارات = وعي ما قبل واثناء وما بعد الخسارات 0

*يهوذا = كل الأجيال = لا أحد 0

*الصليب = الأنا = الأجزاء اللامتوافقة 0

× اليتم / لا يساوي / الأنانية 0

× النخل / لا يساوي / البخل 0

× الوضوح والسذاجة / لا تساوي / الغموض والمؤامرات 0

× القيامة / لا تساوي / الموت 0

+ الجسدانية / تتأوّل / بعمق من حوار وسحر وحرية 0

+ الطفولة بين الولادة والموت / تتأوّل / بجمال ساحر ، عزف ساحر ، شجرة ساحرة .

ــ في اتجاه آخر من دخولية الانطلاق إلى عُليا الجمال الرباني أخذت الباحثة من  الصوت والموسقى باباً جديداً لهذا الانطلاق ، فكيف فهمت الموسيقى ؟

تقول الباحثة: [ جمال أيّ نص شعري يكمن في موسيقاه التي لا يمكنها أن تتحقق الا إذا تموسقت الحروف ، وعزفت لحناً يسكن شغاف الكلمات ، ويصل إلى القلب عبر ما يكون قد قام به الشاعر من توزيع للنغم الصوتي على وحدات زمانية واخرى مكانية تنتظم بداخلها الوحدات الصوتية والتشكيلات الايقاعية والدفقات الشعورية المرهفة الاحساس بجمالية الكلمة والمعنى المرتبط بكل ما له صلة بما اتفق أهل النقد على تسميته بالدلالة الصوتيةـ  تجلّيات الجمال والعشق، ص 83 ]

فإذاً الحرف هو الموسيقى ، واللفظ ، والكلمة ، والجملة ، والنص ، وكل تنغيم ، كل دلالة موحية ، كل متصلات بين اللفظ والقلب ، هي الموسيقى ، تُرى لماذا ؟

المتتبع لقراءة الدكتورة أسماء غريب سيتوصل إلى :

1ـ التنغيم المظهري للنصّ هو موسيقى من حيث التأثير على القاريء والسامع .

2ـ التنظيم الفكري في المؤالفة بين شيئيات النص هو موسيقى باطنية تؤثر على خلجات القلب وكوامن اللاشعور .

3ـ المعالجات الصورية في حدود المجرد الفلسفي هي الأخرى نموذج للعمق الدلالي لموسيقى الأفكار .

4ـ التجاور النصّي المتقارب مع المزاج النفسي للقارئ ، يقارب التجرد العبادي لموسيقى الخلوة الصوفية.

5ـ الانطلاق نحو فضاءات اللاشيء هو أنطلاق إلى براري الجمال بموسيقاه الكونية المطلقة .

وحين تلج الناقدة رحاب ، محاولة في الموسيقى ، قصيدة الشاعر المثال ، تقوم بتأسيس نسق جديد من الدراسات العربية بالتوفيق بين العزف على آلة الموسيقى والعزف على آلة الالفاظ ، وهو ما سينتج نغم موسيقى عقل صادح بالغياب والذوبان والتماهي مع تطور الأجسام نحو الطاقة التي تشع وتشبع المعنى، الروح .

بهذه الطريقة تعطي أهمية خاصة لكل من /

الألف مهموزاً أولاً ، ثم الألف ليّناً ، ثم العلامات ، ثم ال التعريف ، ثم النون ، ثم الحاء ، ثم الصوائت القصيرة والطويلة ، ثم صائتات التكرار .

 

4ــ ركن الاندماج :   

 

في الفصل الخامس من كتاب تجلّيات الجمال والعشق تبرز ظاهرة الاندماج الظاهرة المهمة في الدراسة حين تعمد الناقدة (غريب) إلى دمج النص المظهري بالمعنى العمقي ، بالإحالة التأويلية ، بالتوق النهائي المطلق للعبارة (الإشارة) ..

للناقدة (غريب) ثلاثة دروب لهذا الاندماج ، لهذا النقاء الوجودي ، الفردانية ، عشق الإلهام الكلي ، تلك هي : اللون الأسود والأبيض والأحمر: يتقدّم بالكشف عن الالوان حرف الباء ، الذي يعطي المرتبة الاولى إلى اللون الأسود ليكون سيد الألوان . وفهم ذلك فلسفة تتحرك بعكس الفهم الحضاري التقليدي لوظيفة ـ الأسود ـ .. يوجد فهم عام يُشار إليه بالتنصيص /

[ اللون الاسود هو لون التخمّر والتحلل البيلوجي والكيميائي للمادة ، أي  لون الولوج في النار أو الحرارة التي تتفاعل كيميائياً مع الحرارة الداخلية لأيّ جسم ، والمسؤولة عن كل أشكال التعفن البيلوجي ، هذا الأخير سيحوّل أيّة مادة حيّة إلى الأصل الذي كانت عليه في البدء . والشاعر إذ يشير إلى هذا المسار العجيب، فإنه يؤكد على فكرة بدء الإنسان مرحلة الوعي بذاته الداخلية.                                               ــ تجليات الجمال والعشق ، ص218  ]

 

كما يترك للّون الأبيض فسحة أن يكون الشمس التي تتحول إلى بياض للأشياء المؤدية دورها الدوراني نحو السواد ، كطفولة الشاعر السوداء ...

ثم يحدث أن يكون الأمر حالة الوله والاندماج والذهول في ما يخص المرحلة الحمراء للون :

[ والوصول إلى هذه المرحلة الحمراء يعني أن الإنسان قد توصّل إلى حقيقته الروحية الإلهية التي كانت بداخل جسده الفيزيائي منذ البداية وهو غافل عنها ، وهذا النوع الجديد من الحقيقة يمكن تسميته بالجسد الريشي ، الذي تحدّث عنه أديب كمال الدين في ديوان الحرف والغراب .ـ تجلّيات الجمال والعشق، ص231 ]

 

الركن الخامس : تأسيسات :

نرى أن كل فصل قد حمل تأسيساً خاصاً به من الناحية النظرية والتطبيق والأسلوبية ، لكن أعمّ هذه التأسيسات يتوضّح في :

 1ـ اتباع التدرج المعلوماتي في عرض مبتكراتها التأولية ، من البسيط إلى المركب ثم المطلق التأويلي.

2ـ أخذت من التراث الفكري العربي والإسلامي نموذجها النظري والفلسفي كطريقة عملية في البحث عن فرائد المعاني ، وصدفها وجمالها ، في نصوص الشاعر أديب كمال الدين .

3ـ توصيفها لوظيفة النقد في أن يتجه إلى غاياته عبر الإشارة ، واللغة ، والمراجعة، والتراث الصوفي ، كونه بحثاً يتناول أخطر قضايا الشعر ، برؤية فحص متقن .

4ـ اعتمادها (الاستقراء والاستنباط والتأويل والتفكيك) مجتمعة لأجل قراءة نصيّة ، وهو جمع مبتدع على المستوى التطبيقي .

5ـ في اتجاهها الثقافي ، لم تزعم بالمغامرة أو المخاطرة ، وإنما انحازت إلى الأرث العربي مختلطاً بالوسائل الحضارية للشعوب الأخرى ليكون منهجاً شرقياً وغربياً ، هجيناً ثرياً لتبيان جدية الفكر العربي في استنطاق كل جماليات البحث في العالم لصالح مطقلية الزمان والمكان للتحضر النقدي .

عملها هذا له دالّة حميدة هي أن التطبيق المبدع يتغلب على النظريات الموجهة له ، بمعنى أن براعة إلتقاط النص المواجه للنظرية هو بحد ذاته تحدٍ ضروري في كل نشاط نقدي أو ثقافي ..

 

ما فاض عن العشق  

 

في قصائد الأديب أديب كمال الدين ما هو ليس بعشق ولا عبادة ولا حالات يتجه إليها بحث د.أسماء غريب .. لقد تُركت أشياء كثيرة ، اعتذرت عنها في خاتمة كتابها ، تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين، يمكنني الإشارة إلى بعضها ، مبرراً سبب عوفها من قبل المؤلفة.

1ـ لم تتطرق الباحثة إلى إسهام الشاعر في التعبير القولي عن الحياتي واليومي ، على كثرته في شعره . أعتقد أن السبب يعود إلى مبررين هما ، تعلّق الأمر بحياة الشاعر الخاصة ، وثانيهما أن مثل هذا الأمر يقترن بالتأريخي وليس بالجمالي من مراحل إبداع الشاعر .

2ـ لم تدرس السردية كعمل مهم في الإقناع الدلالي ، ذلك أن مثل هذا صار شائعاً جداً ،  لكنها أخذت عناصر القص ، في الفصل الخامس ، الخاص باللون الأبيض، لا لتعطي للشعر سرداً قصصياً ، إنما لتجعل دلالة الأبيض معكوسة بتصور النصّ ، لا برؤية الباحثة . وأعتقد أن العمل السردي سيطر على بعض طروحات الرؤى النقدية إسلوبياً ، ما يغني عن قول نقدي داخل المتن الشعري .

3ـ درست الباحثة موضوعة الألوان ، على ما نظن ، بعجالة لعدة مبررات منها ،   أن توصلاتها قد وزعت في الفصول الأربعة الأولى وفي المقدمة ، كما أن اللون ، في تدرّجه  هو تقنية للرسم التشكيلي ، والغوص فيه يبتعد عن النقد الأدبي .

4ـ لم يتم التطرق إلى اللاشعري على كثرة هذا اللاشعري عند جميع الشعراء .

أجد أن لدى الكاتبة خُلق  نقدية خاصة بها تمنعها من ذلك بقصد ، كما أنه ليس من الجمال الغور في مضاداته .

5ـ درست الناقدة الأصوات بصورة مظهرية وفلسفية ، بينما كان من المفيد دراستها روحياً ، بموجب علم الأصوات والنغم وآثارهما على التغير الشكلي والسلوكي للقراء تخمينا ـ

 

ملاحظة

كتاب: تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين ، للدكتورة أسماء غريب ، رحلة شاقة وشيّقة .. تعين فصوله الخمسة ومقدمته ومؤشرات الدكتور فاضل عبود التميمي على طرح مشروع الصوفيّات الشعرية الثلاث ليأخذن مرتبة من البحث، أقصد صوفية كولن ولسن في (التصوّف الإبداعي)، وصوفيّة أسماء غريب في (الذوبان بنصوص الذات الالهية) وصوفيّة دانتي (الجحيمية) ويمكن أن أضيف صوفيّة ايتالي كالفينو (صوفيّة البهجة) .....

وقد يُقال إنّ الوقار للجمال الصافي، والأناقة في رشاقة النص السردي شعراً ونثراً سيجعل تصوّفات الشعر خالدة تماماً إن غلّفت لغتها بهذه الوقارات أعلاه ..

للباحثة ولنا راعياً بعونه تكون خطانا صائبة وحثيثة ..

 

إسماعيل إبراهيم عبد

 

**********************************

* تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين، تأليف: د. أسماء غريب ــ منشورات ضفاف ــ بيروت ــ ط1 ــ  2013 .

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home